السؤال
قلت لزوجتي علي الطلاق إن ابننا الرضيع جائع، لكثرة بكائه وكنت في حالة غضب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن حلفك بالطلاق على أن الولد المذكور جائع لكثرة بكائه قد اختلف أهل العلم في الحكم فيه إذا تبين نفي ما حلفت عليه، فالجمهور ـ من الحنفية والمالكية والحنابلة ـ على وقوع الطلاق بالحنث، ولم يفرقوا في ذلك بين غلبة ظنه وغيرها، ولا تحنث عند الشافعية إذا كان الحلف بناء على غلبة ظنك، قال ابن عابدين في رد المحتار: صرحو في الأيمان بأنه لو حلف على ماض، أو حال يظن نفسه صادقا لا يؤاخذ فيها إلا في ثلاث: طلاق وعتاق ونذر.
وقال الشارح هناك: فيقع الطلاق على غالب الظن إذا تبين خلافه، وقد اشتهر عند الشافعية خلافه. اهـ.
وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 126787.
وإن تعذرت معرفة سبب بكاء الولد هل هو من جوع، أو غيره؟ فلا يلزمك شيء، لأن الحنث مشكوك فيه والأصل بقاء العصمة، فلا تنقطع إلا بيقين، قال ابن قدامة في المغني: إذا رأى رجلان طائرا فحلف بالطلاق أنه غراب وحلف الآخر بالطلاق أنه حمام فطار ولم يعلما حاله لم يحكم بحنث واحد منهما، لأن يقين النكاح ثبت ووقوع الطلاق مشكوك فيه. انتهى.
ووقوع الطلاق المعلق عند حصول الحنث مذهب الجمهور، خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية القائل بلزوم كفارة يمين إن كان الحالف لا يقصد طلاقا، كما سبق في الفتوى رقم: 19162.
مع التنبيه على أنه لا يلزمك طلاق إذا كان غضبك شديدا وقت الحلف بالطلاق، بحيث كنت لا تعي ما تقول لارتفاع التكليف عنك حينئذ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35727.
فتحصل أن الحنث غير حاصل فيما إذا لم يعلم نفي المحلوف عليه، ولا فيما إذا كان الغضب قد أفقد الوعي، ولا فيما إذا كان الحلف مبنيا على غلبة ظن عند الشافعية خلافا للجمهور في الفرع الأخير.
وعليك الابتعاد مستقبلا عن الحلف بالطلاق، لأنه من أيمان الفساق، ولما يترتب عليه من الوقوع في الحرج فتندم حين لا ينفع الندم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 58585.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني