السؤال
أبي كان رجلا معتدلا وطيبا ولكن قبل خروجه عن سن المعاش أصبح طبعه يتغير كثيرا وأصبح شديد الاهتمام بمظهره بشكل مبالغ فيه وهذا الأمر كان في البداية طبيعيا بالنسبة لنا، لأنه ميسور الحال، وخصوصا بعد زواجي وإخوتي وانفصالنا ماديا عن المنزل, ومع الوقت أصبح ناقما علينا وضيق الخلق معنا ومع أمي خاصة، ويرى أنه ضيع عمره سدى معنا، مع أننا لا ننقطع عن الذهاب لبيت الأسرة للاطمئنان عليه ونحاول أن نبره، وأنا وأخي ـ والحمد لله ـ من خريجي الكليات العلمية وكنا دوما متفوقين وهادئين ويضرب بنا المثل في الأخلاق ونعلم أن هذا من فضل الله ثم من تربية أبي، ومن تصرفاته المريبة لنا ـ أيضا ـ أنه أصبح يصاحب من هم أصغر منه سنا ونشعر أن له حياة سرية لا نعلمها.
ولا أعرف كيف أتعامل معه؟ وهل أصارحه بما لا يعجبني من تصرفاته؟ أم ماذا؟ علما بأنه مريض بالضغط المزمن والسكر ولو تحدثت معه أنا أو أمي فسينفعل وأخاف عليه جدا
أم نتركه وندعو الله أن يصلح حاله؟ ويكون هذا هو الحل الوحيد.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أعظم الحقوق وأوكد الواجبات بعد حق الله تعالى حق الوالدين، فقد قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. {الإسراء: 23-24}.
ولذلك لا يجوز لكم أن تؤذوا أباكم بتوجيه اللوم له على مجرد الاهتمام بمظهره الخارجي، أو مصاحبة من دونه في السن وخاصة إذا كنتم تتوقعون أن ذلك سيؤثر على صحته بسبب ما ذكرتم من الأمراض، ولا يجوز أن تظنوا به سوءا لمجرد ذلك.
أما إذا تحققتم أن أباكم يرتكب المخالفات الشرعية: فإن الواجب عليكم حينئذ إنكار ما لديه من المنكر ونصحه، ولا بد أن يكون بالرفق واللين والموعظة الحسنة وبما تستطيعون من الطرق التي لا تخل ببره ولا تؤدي إلى إلحاق الضرر به، ويلزمكم أن تتجنبوا إغضابه، ومن أهم ما تفعلونه ما أشرت إليه من الدعاء له بصلاح الحال.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتويين رقم: 125221، ورقم: 12032.
والله أعلم.