السؤال
كنت مسافرا بالخارج وكانت هناك بعض المشاكل بيني وبين زوجتي أدت إلي عصبيتي جدا فقد اتفقت معها على الاتصال في إحدى الليالي ولكنها لم تجب على اتصالي ليس عن قصد، ولكنها كانت نائمة كما اكتشفت لاحقا فغضبت وقتها جدا وحلفت بالطلاق بالثلاثة وبعثت لها رسالة وأقول لها إنني لن أخاطبك طوال فترة كذا، ولكنني لم أرسل الرسالة وكررت الاتصال فإذا بها ترد علي وهي مستغرقة في النوم وقلت لها إنني لن أكلمك طول فترة كذا ولم أذكر موضوع الطلاق في حديثي معها، فهل وقع الطلاق بالثلاثة أم لا؟ وهل هناك فرق بين الحلف بالطلاق وقول أنت طالق؟.
أفتوني أثابكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن حلف بالطلاق الثلاث على فعل أمر معين ولم يفعله، فإن الطلاق يقع منه ثلاثا عند جمهور أهل العلم ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة ـ وهو القول الراجح والمفتي به عندنا، وبذلك تحرم الزوجة حتى تنكح زوجا غير زوجها نكاحا صحيحا ـ نكاح رغبة لا نكاح تحليل ـ ثم يطلقها بعد الدخول، إلا أن كثيرا من أهل العلم يرون تخصيص الحلف بالسبب الحامل عليه ـ وهو ما يسميه المالكية بساط اليمين ويسميه الحنابلة السبب المهيج لليمين ـ فمن حلف على أمر لسبب معين ثم زال السبب الذي حمله على اليمين فإنه لا يحنث إذا فعل ما حلف عليه، وراجع في هذا فتوانا رقم: 53941.
فإذا كان سبب حلفك هو اعتقادك أن زوجتك قد تعمدت عدم الرد عليك ثم تبين أنها كانت نائمة ولم تتعمد عدم الرد عليك، فإنك لا تكون حانثا بعدم فعل ما حلفت على فعله من إرسال الرسالة، وتجدر الإشارة إلى أن قولك لها: لن أكلملك طول فترة كذا ـ هو عين ما حلفت على أنك ستفعله، وبالتالي فإذا لم تكن تقصد الكتابة والإرسال فإنك بما قبله بررت في يمينك، وبالتالي فلا حنث، كما أنك إذا لم تكن قد أجلت أجلا للكتابة فإنه ما زال في الإمكان أن ترسل الرسالة، وأما إذا كنت تقصد الكتابة وقد انقضى الأجل الذي قصدته لذلك، ولم يكن لك بساط فالحكم على ما تقدم ذكره من وقوع الطلاق ثلاثا، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: تلزمك كفارة يمين إن كنت لا تقصد طلاقا، وإن قصدته لزمتك طلقة واحدة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 112023.
وبخصوص الفروق بين قول الزوج: أنت طالق ـ وبين الطلاق المعلق على أمر معين وقد حصل المعلق عليه فنذكر منها ما يلي:
1ـ أنت طالق: لفظ صريح من ألفاظ الطلاق يقع به ولا يحتاج لنية إجماعا.
2ـ أن الطلاق المعلق لا يقع عند بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية إذا كان الحالف لم يقصد طلاقا، وإنما قصد التهديد، أو المنع مثلا، بل تلزمه كفارة يمين، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 19162.
3ـ أن الطلاق المعلق يدخله التخصيص بالنية، أو البساط كما تقدم.
4ـ أن الطلاق المعلق يمكن التراجع عنه وإلغاؤه عند بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية إن قصد الحالف الطلاق لا اليمين، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 141126.
والله أعلم.