السؤال
ما الدليل من الكتاب والسنة على أنّ ساب الله تعالى دون قصد الكفر يكون كافرًا؟ فقد وجدت من يقول: إنّ ساب الله تعالى بجهالة، وعناد، دون إنكار لربوبية الله تعالى، ودون مرافقة السب لاعتقاد باطل، يكون كبيرة من الكبائر، وغير مكفر، وعندما أخبرته بالإجماع على ذلك، أنكر الإجماع، فأريد الدليل من الكتاب، والسنة، إن أمكن.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فقد دلت النصوص الشرعية على أن ساب الله سبحانه كافر، سواء صاحب هذا السبب اعتقاد باطل -كإنكار الربوبية-، أم لم يصاحبه؛ إذ السب بمجرده كفر، ومن الأدلة على ذلك: قوله سبحانه: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة:65-66}.
وجه الدلالة من الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى قد أخبر بكفر من استهزأ بالله وآياته ورسوله مازحًا، أو لاعباً، اعتقد اعتقادًا باطلًا، أو لم يعتقد, وبيّن أنه لا يقبل منهم في ذلك عذرهم، بقوله سبحانه: لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ.
ولا شك أن الساب أشد إثمًا، وأعظم ذنبًا من المستهزئ، فتكون الآية قد دلت على كفر الساب بطريق الأولى، يقول الشيخ عليش: لأن السب أشد من الاستخفاف, وقد نصوا على أنه ردة، فليكن السب ردة بالأولى. انتهى.
ويقول ابن تيمية في كتابه الصارم المسلول: وهذا نص في أن الاستهزاء بالله، وبآياته، وبرسوله، كفر، فالسب المقصود بطريق الأولى. انتهى.
من هنا أجمع أهل العلم على كفر من سب الله سبحانه، وعدم عذره؛ إذ لا شهوة له في ذلك، ولا شبهة، إلا خبث النفس، والتمرد على الله سبحانه، يقول ابن حزم: وأما سب الله تعالى, فما على الأرض مسلم يخالف أنه كفر مجرد. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى -: فلا شبهة تدعوه إلى هذا السب، ولا شهوة له في ذلك, بل هو مجرد سخرية، واستهزاء، واستهانة، وتمرد على رب العالمين, تنبعث عن نفس شيطانية، ممتلئة من الغضب, أو من سفيه لا وقار لله عنده. انتهى.
وجاء في حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم شارحًا للكلام صاحب المتن: فقد كفر ـ يعني بها الهازل بشيء فيه ذكر الله -؛ لاستخفافه بالربوبية، والرسالة، وذلك مناف للتوحيد، وكفر بالإجماع، ولو لم يقصد حقيقة الاستهزاء، والهزل. انتهى بتصرف يسير.
ويراجع في تفصيل ذلك مع ذكر الأدلة كتاب: الصارم المسلول لابن تيمية ـ رحمه الله تعالى -.
والله أعلم.