الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من حلف ألا ينظر إلى محرم ففعل

السؤال

حلفت أن لا أشاهد مناظر جنسية ـ رجل وامرأة ـ وللأسف بعد الحلف شاهدت مقطع فيديو جنسي تقريبا لمدة دقيقتين، فماذا علي فعله الآن؟.
أرجو منكم الإجابة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الله تعالى يقول: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ { النور: 30}.

وقال صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطأ، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج، أو يكذبه. متفق عليه.

فالنظر إلى الحرام هو بريد الزنا، وقد سبق بيان حرمة نظر الصور العارية في الفتاوى التالية أرقامها: 1256، 3605، 21807، 6617، 59061.

واعلم أن من حلف أن لا يفعل شيئاً ثم فعله، فإنه يكون قد حنث وتلزمه الكفارة المذكورة في قول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89}.

وهي على التخيير في الثلاثة الأولى ـ الإطعام، والكسوة، وتحرير الرقبة ـ ولا يجوز الانتقال إلى الصوم لمن يجد إحدى الثلاث، ومن عجز عنها جميعاً هو الذي ينتقل إلى الصوم كما تلاحظ في الآية الكريمة، ويجب عليك عند الحنث في الحلف على ترك الحرام المسارعة بالتوبة إلى الله وعقد العزم على عدم العودة لذلك أبداً والندم على ما فرطت في جنبه تعالى، واستغفر ربك وكن ممن قال الله تعالى فيهم: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ* أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ {آل عمران:135-136}.

واسع في الزواج إن استطعت القيام به، واسأل الله بذل وإلحاح أن يرزقك الزوجة الصالحة التي تقر بها عينك وتعف بها نفسك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل الله. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه.

وعليك بالدعاء المأثور في صحيح مسلم: اللهم إني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

وإلى أن ييسر الله لك أمر الزواج فأكثر من الصوم فإن له تأثيراً بالغاً في كسر شدة الشهوة وكبح جماحها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.

وتجنب المثيرات وحافظ على غض بصرك واحذر الخلوة بالأجهزة التي يمكن الاطلاع بواسطتها على هذه المحرمات وكذا الصحبة السيئة التي تزين لك المعصية ومطالعة الحرام، وفي المقابل اتخذ رفقة صالحة من الشباب المتمسك بدين الله، فإنه أعظم معين بعد الله تعالى على الاستقامة على أمره، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، فاعبد الله معهم، وتعاون معهم على الخير وعلى طلب العلم النافع، وذلك أكبر صارف عما تجد في نفسك من رغبة في مطالعة الحرام، واعلم أن العبد مسؤول عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه، وعن جسمه وماله وعن سمعه وبصره وقلبه فيم صرفها، كما قال تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً {الإسراء:36}.

وفي الحديث: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه ما عمل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني