الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حلف ألا يكلم أحدا فراسله هل يحنث؟

السؤال

أنا حلفت بالله أني لم أقترف ذنبا، ومن الخوف حلفت كذبا، هل علي كفارة؟
وفي نفس الوقت استحلفت بالله ووضعت يدي اليمنى على المصحف أن لا أقترف الذنب مرة أخرى ..( وهو أن لا أحادث أي شاب لكنني عاودت الرسائل دون محادثة.)
ما الذي يلزمني فعله من الكفارة؟ ولو أنني نقضت حلفي وعدت للذنب ماذا علي؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلمي -هداك الله- أن محادثة الفتاة للشباب من أسباب الفتنة وأبواب الشر، فعليك أن تتركي هذا الفعل طاعة لله تعالى وخوفا من عقابه، وأن تتوبي عما سلف منك من التقصير والتفريط، وأما حلفك على المصحف كاذبة فهو ذنب تجب عليك التوبة منه، وفي وجوب الكفارة عليك خلاف، وقد ذهب الجمهور إلى عدم وجوبها لكن الأحوط أن تجمعي مع التوبة الكفارة خروجا من الخلاف، وانظري الفتوى رقم: 123276.

وأما حلفك ألا تكلمي شابا ففي لزوم الكفارة بكتابة الرسائل المذكورة خلاف بين العلماء، إذ قد اختلفوا في من حلف ألا يكلم إنسانا فكتب إليه هل يحنث أو لا؟

جاء في المغني: مسألة : قال :- أي الخرقي- ولو حلف ألا يكلمه فكتب إليه أو أرسل إليه رسولا حنث إلا أن يكون أراد ألا يشافهه. قال الشارح: أكثر أصحابنا على هذا وهو مذهب مالك والشافعي... وممن قال لا يحنث بهذا الثوري وأبو حنيفة وابن المنذر والشافعي في الجديد. والصحيح أن هذا ليس بتكلم كما قال تعالى: آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ {آل عمران41: } والرمز ليس بتكلم، لكن إن نوى ترك مواصلته أو كان سبب يمينه يقتضي هجرانه حنث لذلك، ولذلك قال أحمد أن الكتاب يجري مجرى الكلام وقد يكون بمنزلة الكلام فلم يجعله كلاما إنما قال هو بمنزلته في بعض الحالات إذا كان السبب يقتضي ذلك، وإذا أطلق احتمل أن لا يحنث لأنه لم يكلمه واحتمل أن يحنث لأن الغالب من الحالف هذه اليمين قصد ترك المواصلة فتعلق يمينه بما يراد في الغالب. انتهى بتصرف.

والقول بعدم الحنث قوي متجه، ولكن الأحوط أن تكفري كفارة يمين لأجل هذه المراسلة، لأن الظاهر أن المراد بيمينك هو ترك المواصلة بالكلية، وخروجا من الخلاف، وإن قلنا بأنك لم تحنثي بهذه المراسلة فعليك أن تمتنعي عن تكليمهم طاعة لله تعالى وبرا بيمينك، فإن حنثت ووقعت في المخالفة فعليك التوبة إلى الله تعالى وتلزمك كفارة يمين، وكفارة اليمين هي على التخيير بين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجدي فعليك صيام ثلاثة أيام والأحوط أن تكون متتابعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني