السؤال
عمي والد زوجي مريض منذ أكثر من سنتين بمرض الخرف وحالته في ازدياد مستمر, حتى وصل به الحال أنه لا يعرف أولاده وأصبح يعتدي بالضرب عليهم وعلى حماتي وطردهم خارج المنزل معتقدا بأنهم لصوص وحتى حماتي مريضة وشبه مقعدة, ولا يوجد من يقوم بخدمتهم كونهم يسكنون وحدهم, وهو لا يسمح لأحد بزيارته , بالإضافة إلى تشاجره الدائم مع الجيران وشتمهم, وزوجي من عائلة عريقة ولهم وضعهم الاجتماعي بين الناس . سافر زوجي منذ أشهر برفقة أبيه المريض إلى العمرة وحين العودة عاد زوجي وحده وترك والده في مكة, من وجهة نظره أنه تركه في بيت الله وأفضل من أن يضعه في مشفى للأمراض العقلية أو في مصح. هذا بموافقة جميع العائلة . سؤالي هو: أليس هذا العمل حراما وفيه عقوق لوالده, أرجو منكم أن تفتوني بذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإحسان إلى الوالد وبره أمر واجب وخاصة عند الكبر والحاجة إلى الرعاية والعناية، فهذا من أفضل الأوقات التي ينال بها الولد عظيم الأجر ببره به قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا .{الإسراء: 23، 24}.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه. قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة. وينبغي الصبر على ما قد يجد الولد من أذى الوالد ولا سيما إن وصل إلى مثل هذا الحال من الخرف وعدم التكليف.
وأما تركه له في مكة، فإن كان هنالك من يرعاه على أكمل وجه ويهتم به فلا حرج في ذلك، ولكن ينبغي تعاهده بالزيارة وتفقد أحواله كلما تيسر ذلك.
وأما إذا تركه على حال فد يتعرض فيه للضياع والأذى وهذا هو الذي يظهر فهذا من أعظم العقوق، فيجب عليه أن يتوب ويتدارك الأمر قبل أن يحدث ما تكون عاقبته الندم في الدنيا والآخرة ولات حين مندم. ولمزيد الفائدة راجعي الفتويين: 114981، 95960.
والله أعلم.