السؤال
ما هي ضوابط الإفتاء؟ وهل يمكنني الإفتاء اعتمادا على قواعد عامة في الدين وضّحها العلماء بناء على أدلة شرعية فمثلا قوله -صلى الله عليه وسلم-:"لا ضرر ولا ضرار"، وتفسير أحد أهل العلم له:"أن الإنسان لا يجوز له أن يضرّ بنفسه ولا بغيره" مثلا، فهل يمكنني أن أشتق حكما منه وهو مثلا عدم جواز إزعاج الجيران بأصوات الغناء المرتفعة في منتصف الليل فبذلك اعتمدت على تفسير أهل العلم لحديث أو آيه في استخراج أحكام دنيوية؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ناقشنا بعض ضوابط الإفتاء في فتاوى كثيرة, وانظر الفتوى رقم: 5583، والفتوى رقم: 14485، والفتوى رقم: 4022.
وقد صنفت في هذا الباب مصنفات عديدة, منها آداب المفتي والمستفتي لأبي عمرو بن الصلاح , وفي مقدمة شرح المهذب للنووي فصول نافعة في الباب فلتراجع.
وأما المسألة التي ذكرتها فلا ريب في ظهور ما استنبطته من هذا الحديث وأن هذا الفعل محرم لهذا الوجه ولغيره من الوجوه، ومنها ما فيه من أذية الجار والنصوص الناهية عن ذلك كثيرة, فضلا عن استعمال الموسيقى المحرمة, ولكننا ننبه إلى أمر مهم وهو أن استنباط الأحكام من القواعد لا يكون إلا لأهل العلم الراسخين فيه الذين تضلعوا بالعلم واستوعبوا قواعده وأصوله, فإن العامي أو طالب العلم الذي لم ترسخ قدمه فيه قد يتصور دلالة قاعدة معينة على حكم ما وتكون هذه القاعدة غير صحيحة أو تكون معارضة في هذا الفرع بقاعدة أخرى أولى بالإعمال، أو تكون هذه المسألة المعينة غير مندرجة في هذه القاعدة لأمر ما يخفى على العامي والمبتدئ في طلب العلم ويتفطن له العالم المتضلع. فعلى العامي أن يكل الأمر إلى أهله وأن يسأل عما أشكل عليه أهل العلم وأن يعرض عليهم ما فهمه من النصوص فإن كان خطأ صوبوه وإن كان صوابا أقروه امتثالا لقوله تعالى : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل :43}.
والله أعلم .