السؤال
أحيانا كنت أقصر في حق والدي وهو حي. وكنت أشاكسه. وكان يغضب أحيانا مني إلا أنه يعلم أنني أحبه أكثر من أي شخص آخر. وهو أيضا يحبني بشدة ويدعو لي ولكن في أواخر أيامه..كنت أخدمه بإخلاص وبتفان وكان هو غائبا عن الوعي معظم الوقت. فكيف أعرف إن كان مات غاضبا علي؟ وكيف أكفر عن إغضابي له؟ علما بأني أكثر من بره وهو ميت وأفعل كل ما كان يريده. وأطيعه أكثر من طاعتي له قبل موته وهل إذا وهبت له ثواب كل عمل أقوم به (كالتطوع..والصدقات..والتبرع بالدم...الخ) يجعلني بدون حسنات لأنها ستذهب إليه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن إساءتك لوالدك أمر محرم ، لكن إذا كنت في آخر الأمر قد حرصت على بره ورعايته حال مرضه، فنرجو أن يكون ما صدر منك في حقه مظنة العفو –بإذن الله- وأما معرفة إن كان والدك قد مات غاضبا عليك أم لا؟ فعلم ذلك عند الله ، لكن على كل حال فالتوبة الصحيحة تمحو أثر الذنب .
قال تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا. { الإسراء:25}
قال القرطبي : وقال ابن جبير : يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما لا يريد بذلك بأسا، قال الله تعالى : ( إن تكونوا صالحين ) أي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة، وقوله : ( فإنه كان للأوابين غفورا ) وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة.
واعلمي أنّ الإنسان يمكنه أن يستدرك ما فاته من برّ والديه بعد موتهما ، فمن ذلك: الدعاء والاستغفار لهما والصدقة عنهما وصلة الرحم من جهتهما وإكرام أصدقائهما، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 18806.
أما بخصوص إهداء ثواب الأعمال الصالحة له ، فإنك تؤجرين –إن شاء الله- على إحسانك إليه بإهداء ثواب الأعمال ، وانظري قي ذلك الفتوى رقم: 121173.
والله أعلم.