السؤال
سمعنا شيخا يقول أثناء خطبته للجمعة إن من يعين ظالما متعمدا فقد خرج من ملة الإسلام. استدل الشيخ حفظه الله بعدة نصوص نقلها من كتاب بعنوان "وصايا الرسول". ومن هذه النصوص حديث رواه الطبراني يقول فيه الرسول صلى الله عليه و سلم : "من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام".فما صحة هذا الحديث وهل إعانة الظالم من نواقض الإسلام ؟ هل قال بهذا أحد من الأئمة ؟ نريد جوابا واضحا مع التفاصيل. فإذا تبين أن ما قاله شيخنا غيرصحيح سيصحح الخطأ في الجمعة القادمة إن شاء الله. بارك الله فيكم و جزيتم خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحديث: من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام. رواه الطبراني في الكبير والضياء من حديث أوس بن شرحبيل. قال الهيثمي في المجمع : رواه الطبراني في الكبير، وفيه عياش بن مؤنس، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله وثقوا، وفي يعضهم كلام. انتهى. وقال الألباني في الضعيفة وضعيف الترغيب: ضعيف جدا.
وإذا علمت أن هذا الحديث لا يثبت فاعلم أن العلماء تأولوه على فرض ثبوته بما يتفق مع عقيدة أهل السنة والجماعة قاطبة من عدم تكفير أصحاب الذنوب والمعاصي، ولو كانت كبائر ما لم يستحلوها.
قال القاري في المرقاة : فقد خرج من الإسلام أي من كمال الإيمان أو من حقيقة الإسلام المقتضي أن يسلم المسلمون من لسانه ويده. انتهى .
واعلم أن الظلم كما لا يخفى كالفسق والشرك والكفر منه ما هو أكبر وهو المخرج من الملة وهو ظلم النفس بالشرك بالله تعالى كما قال تعالى : إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ {لقمان : 13}. ومنه ما هو ظلم أصغر لا يخرج عن الملة وهو ظلم النفس بالمعاصي كقوله تعالى : وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الحجرات:11}.
وظلم الغير بالتعدي عليه وأخذ حقه، وإذا كان من ظلم نفسه بالمعاصي أو ظلم غيره بالتعدي عليه لا يكون خارجا من الملة بذلك، فمن أعانه من باب أولى وأحرى، ولا يوجد من علماء الإسلام المنتسبين إلى مذهب أهل السنة والجماعة من يكفر الناس بالذنوب، بل أهل السنة مجمعون على عدم تكفير المسلم بالذنوب إلا ما حكم الشرع بالكفر به ونصوصهم في هذا كثيرة .
وليس معنى هذا التقليل من شأن ظلم الناس فإن عاقبته وخيمة وهو ظلمات يوم القيامة، والأحاديث في ذم الظلم والترهيب منه وبيان الوعيد عليه كثيرة جدا ليس هذا موضع ذكرها، والمعين على الظلم مشارك للظالم في معصيته وهو متعرض مثله للوعيد الشديد والعقوبة الأليمة.
والله أعلم.