السؤال
ما حكم شراء السيارة بالأقساط المريحة من بنك ربوي وتعامله مثل تعامل البنوك الإسلامية.. علما أن تعامل هذه البنوك الربوية يفوق احتراما تعامل البنوك الإسلامية؟ ولكم مني كل جزيل الشكر والاحترام.
ما حكم شراء السيارة بالأقساط المريحة من بنك ربوي وتعامله مثل تعامل البنوك الإسلامية.. علما أن تعامل هذه البنوك الربوية يفوق احتراما تعامل البنوك الإسلامية؟ ولكم مني كل جزيل الشكر والاحترام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأساس عمل البنوك الربوية قائم على تعاطي الربا المحرم إقراضا وقرضا، ولا تمارس - فيما نعلم - البيع بالتقسيط المنضبط بالضوابط الشرعية، التي من أهمها:
أ - أن يكون البنك مالكا للسيارة ملكا حقيقيا قبل بيعها للعميل.
ب - أن يبيع البنك السيارة للعميل بثمن محدد عند العقد، ولو كان ذلك الثمن أكثر من قيمتها السوقية.
ج – أن لا يترتب على التأخر في دفع قسط أو أقساط إضافةُ فوائد على المبلغ الذي أبرم العقد عليه.
وإذا كان البنك لا يشتري السيارة شراء حقيقياً، وإنما يدفع ثمنها نيابة عن العميل، ثم يسترد منه ذلك الثمن مقسطاً مضافا إليه الأرباح، فإن هذا لا يجوز، لأن حقيقة هذه المعاملة أن البنك أقرض العميل ثمن السيارة على أن يرده إليه بزيادة، وهذا عين القرض الربوي المحرم تحريما غليظا. وهذا النوع من التعامل هو السائد في معاملات البنوك الربوية.
وعليه فالأصل أنه لا يجوز التعامل مع البنوك الربوية، لأن التعامل معها إما أن يكون في معاملة ربوية، فهذا لا يجوز قطعا، وقد توعد الله أطراف الربا أشد وعيد، حيث قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278 - 280] وفي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ – رضي الله عنه -، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ» ومؤكل الربا هو المتعامل مع المرابي في معاملة ربوية.
وإما أن يكون التعامل مع البنك الربوي في معاملة مشروعة منضبطة بالضوابط الشرعية، فهذا فيه نوع من العون للبنك على الاستمرار في عمله المحرم، والله تعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2]
فمن يجد بنكا إسلاميا يمكنه التعامل معه وتندفع به حاجته فليس له التعامل مع البنوك الربوية ولو كانت المعاملة مشروعة في ذاتها. جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: ... ويحرم التعامل مع البنوك الربوية في جميع المعاملات المحظورة شرعًا. ويتعين على المسلم التعامل مع المصارف الإسلامية إن أمكن ذلك؛ توقيًا من الوقوع في الحرام أو الإعانة عليه. ثالثا- يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج، إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام. انتهى.
أما من لم يجد بنكا إسلاميا، فله أن يتعامل مع البنك الربوي، وعليه أن يحرص في هذه الحالة أن يكون التعامل موافقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
والمؤمن إذ يسمع الوعيد الشديد والتنفير البالغ من الربا ومن المرابين في نصوص الشريعة المتضافرة، فلا يليق به أن يغريه ما يُقدِّمه البنك الربوي من تسهيلات وإغراءات خداعة.
والله أعلم .
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني