السؤال
في البداية أحب أن أثني عليكم بعد الثناء على الله سبحانه وتعالى، وذلك بسبب أني شفيت بنسبة كبيرة من الوسواس بفضل الله، ثم بفضل موقعكم، وأصبحت في حياتي مرتاحا ليس كما كنت سابقا.
وسؤالي هو أني بعد الاستنجاء أقوم بلبس السروال، فأرى خروج سائل خفيف كالماء تماما، ولا أعرف حكمه، وقد كان يتعبني ويجعلني أغير ملابسي، وصرت أرش ملابسي بماء قبل لبس السروال وأعرض عنه. مع العلم أنه يخرج دوما بعد الاستنجاء، وكذلك أشعر بحركات في دبري أثناء الصلاة كخروج الريح، وأنا أحس بها ولكني أيضا أعرض عنها وأصلي تجنبا وإرغاما للوساوس. فهل إذا كان عملي في الفعلين خاطئا علي أن أعيد صلواتي؟ وأنا الآن لست متاشفيا تماما من الوسواس. فهل إذا شككت في الصلاة لي حكم الوسواس مع العلم أني أخاف أن إذا شككت في الصلاة أو غيرها أن أصبح من الموسوسين.
وسؤال بسيط قبل الختام هو أني في عباداتي أو غيرها أني إذا شككت لا أفرق هل هو وسواس أم حقيقة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تيقنت أنه يخرج من المخرج شيء، وليس ماء من أثر الاستنجاء، فذلك السائل نجس يلزم الاستنجاء منه وتطهير ما أصابه من الثياب، ثم إعادة الوضوء والصلاة، وقد بينا من قبل خلاف أهل العلم في إعادة الصلاة بالنسبة لمن صلى تاركا شرطا من شروط الصلاة جهلا. ويمكنك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 109981، وإن كان الموضوع مجرد وسوسة فالذي ننصحك به هو أن لا تلتفت بعد ذلك إلى الوسوسة، وأن لا تفتش هل خرج شيء أم لا.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: بعض الناس يتوهم أنه خرج منه شيء ويلقي الشيطان في قلبه أنه خرج شيء، فيذهب يفتش في ذكره ويعصر رأس الذكر هل حصل أو ما حصل، وهذا خطأ، وعلاج هذين السببين أما الأول فعلاجه أن يكف عنه وألا يعصر الذكر، وإذا انتهى البول غسل رأس الذكر وانتهى كل شيء. وأما الثاني وهو الشك هل نزل شيء أم لا فدواؤه ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الرجل يجد في بطنه شيئا فيشكل عليه أخرج منه شيء أم لا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. وهذا دواء ناجع بإذن الله. اهـ
وكذا شعورك بخروج الريح أو بحركة في الدبر لا تلتفت إليه حتى تتيقن بخروجه. وقد روى البزار من حديث اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : يَأْتِي أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ, فَيَنْفُخُ فِي مَقْعَدَتِهِ فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ وَلَمْ يُحْدِثْ، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا. اهـ وعند أحمد من حديث أبي سعيد مرفوعا : إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ فَيَأْخُذُ شَعْرَةً مِنْ دُبُرِهِ فَيَمُدُّهَا فَيَرَى أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ فَلَا يَنْصَرِفَنَّ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا. اهـ
وأما ما ذكرته من أنك إذا شككت لا تفرق بين الوسوسة والحقيقة، فاعلم أن هذا هو عين الوسوسة، إذ اليقين لا يمكن أن يلتبس بغيره فهو ما لا يخالطه شك، والوسوسة ليست كذلك، وما دمت شككت فالشك ليس يقينا. فإذا شككت في انتقاض الوضوء فهذا الشك ليس يقينا ولا يبطل به الوضوء. وانظر الفتوى رقم: 64469, والفتوى رقم: 136536.
والله أعلم.