السؤال
لماذا لم يشارك الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه في غزوة مؤتة؟ هل كان هناك أسباب؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا لا نعلم سببا لعدم حضور النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الغزوة بصفة خاصة، لكن جاء في الحديث ما يدل على أن الرفق بأصحابه والشفقة عليهم مما يمنعه من الخروج في الغزو في بعض الأحيان؛ لأنهم لا يحبون التخلف عنه، وقد لا يستطيع بعضهم الحمل والنفقة في الغزو، وهو صلى الله عليه وسلم ليس عنده من الدواب ما يحمل الجميع، فلعل تخلفه عن هذه الغزوة لهذا السبب والله أعلم، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفس محمد بيده، لولا أن يشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا، ولكن لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعة، ويشق عليهم أن يتخلفوا عني. والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأقتل.
قال النووي عند شرح هذا الحديث: وفيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على المسلمين والرأفة بهم، وأنه كان يترك بعض ما يختاره للرفق بالمسلمين، وأنه إذا تعارضت المصالح بدأ بأهمها، وفيه مراعاة الرفق بالمسلمين، والسعي في زوال المكروه والمشقة عنهم. اهـ
ومن المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم باشر بنفسه أعظم الغزوات مثل بدر وأحد والخندق وحنين وتبوك وفتح مكة وغيرها.
وقد كان يرسل بعض أصحابه للدعوة للإسلام إلى بعض الأماكن التي يوجد فيها عدو للمسلمين حصل ذلك عدة مرات، منها على سبيل المثال كما في الرحيق المختوم: سرية عبد الرحمن بن عوف إلى ديار بني كلب بدَوْمَة الجَنْدَل، في شعبان سنة 6 هـ وكذلك سرية علي بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بفَدَك، وسرية أبي بكر الصديق أو زيد بن حارثة إلى وادي القري. اهـ بتصرف
ومن ذلك أيضا غزوة مؤتة وهي بأدنى البلقاء من أرض الشام في شهر جمادى الأولى سنة ثمان وكان سببها مقتل الحارث بن عمير الأزدي على يدي شُرَحْبِيل بن عمرو الغساني، حينما كان الحارث يحمل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى صاحب بُصْرَى، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك سرية زيد بن حارثة للأخذ بثأره. قال في مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم : ثم دخلت السنة الثامنة. فكانت فيها غزوة مؤتة. وسببها أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - بعث الحارث بن عمير بكتاب إلى ملك الروم - أو بصرى - فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني . فقتله - ولم يقتل لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - رسول غيره - فاشتد ذلك عليه فبعث البعوث . واستعمل عليهم زيد بن حارثة ، وقال إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس، وإن أصيب جعفر فعبد اللَّه بن رواحة فتجهزوا . وهم ثلاثة آلاف. انتهى
وانظر الفتوى رقم: 40645.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني