السؤال
ماحكم اعتزال الوالدين اللذين عندهما معاص ظاهرة؟ وإذا كان اعتزالهم محرما، فما تأويل اعتزال إبراهيم لأبيه وهو خليل الله؟.
ماحكم اعتزال الوالدين اللذين عندهما معاص ظاهرة؟ وإذا كان اعتزالهم محرما، فما تأويل اعتزال إبراهيم لأبيه وهو خليل الله؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان المقصود باعتزال الوالدين اجتناب ما هم فيه من باطل ومعصية فهذا أمر واجب، قال سبحانه: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{ الأنعام:68}.
وقال: وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا{النساء:140}.
ولمزيد الفائدة راجع الفتويين رقم: 66760 ، ورقم: 101316.
وإن كان المقصود باعتزال الوالدين هجرهما، فإن هجرهما لا يجوز بحال، كما بينا بالفتوى رقم: 20947.
وما وقع من إبراهيم عليه السلام هو أنه أولا ترك ما عليه قومه من الباطل والتزم الحق، ولذلك قال فيما حكى الله عنه: وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا {مريم:48}.
قال ابن كثير في تفسيره وهو يبين معنى هذه الآية: أي: أجتنبكم وأتبرأ منكم ومن آلهتكم التي تعبدونها من دون الله ، وَأَدْعُو رَبِّي{مريم : 48} أي: وأعبد ربي وحده لا شريك له. اهـ.
ثم إن إبراهيم عليه السلام بعد أن رأى أباه يتوعده بقوله فيما ذكر الله عنه في كتابه: قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا {مريم:46}.
فأجابه إبراهيم عليه السلام بقوله: قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا {مريم:47}.
وقرر بعد ذلك أن يهاجر بدينه لا أن يهجر والديه، كما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتركوا الآباء والأمهات، قال ابن كثير في تفسيره عند كلامه عن قول الله تعالى من سورة العنكبوت: وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {العنكبوت:26}.
قال: يحتمل عود الضمير في قوله: وقال ـ على لوط، لأنه أقرب المذكورين، ويحتمل عوده إلى إبراهيم - قال ابن عباس، والضحاك: وهو المكنى عنه بقوله: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ {العنكبوت:26}. أي: من قومه.
ثم أخبر عنه بأنه اختار المهاجرة من بين أظهرهم، ابتغاء إظهار الدين والتمكن من ذلك. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني