السؤال
هل من الممكن شرح الحديث: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج؟ وما هي الباءة؟ فأنا شاب عندي 27 سنة متدين لدي عمل جيد ـ والحمد لله ـ أرغب في نكاح إحدى الفتيات، لكنني متردد في ذلك ولا أجرؤ على الكلام مع أهلي في الموضوع، لأنني أحترمهم كثيرا ويحترمونني، فهل من نصيحة مشايخنا الأفاضل؟ وفقنا الله وإياكم لما فيه صلاحنا وصلاح أمتنا معا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الحديث فيه إرشاد عظيم من النبي صلى الله عليه وسلم للشباب إلى المبادرة بالتزوج عند وجود استطاعته من توفر القدرة على أعبائه وتكاليفه من النفقة ونحوها وكذا الجماع، واستطاعة الباءة معناها استطاعة الجماع لوجود مؤن النكاح ـ وهو ما يتزوج به ـ قال الشوكاني رحمه الله: قال الخطابي: المراد بالباءة النكاح، وأصله الموضع يتبوؤه ويأوي إليه ـ وقال النووي: اختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين يرجعان إلى معنى واحد أصحهما: أن المراد معناها اللغوي وهو الجماع، فتقديره من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنه وهي مؤنة النكاح فليتزوج، ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر منيه كما يقطعه الوجاء، والقول الثاني: إن المراد بالباءة مؤنة النكاح سميت باسم ما يلازمها وتقديره من استطاع منكم مؤنة النكاح فليتزوج، ومن لم يستطع فليصم، قالوا: والعاجز عن الجماع لا يحتاج إلى الصوم لدفع الشهوة فوجب تأويل الباءة على المؤن، وقال القاضي عياض: لا يبعد أن تختلف الاستطاعتان فيكون المراد بقوله من استطاع الباءة أي بلغ الجماع وقدر عليه فليتزوج، ويكون قوله: ومن لم يستطع ـ أي لم يقدر على التزويج وقيل الباءة بالمد القدرة على مؤن النكاح وبالقصر الوطء. انتهى.
فإذا علمت هذا، فإن للزواج أثرا عظيما في تحصين الفرج وغض البصر ومن ثم تحصيل صلاح القلب، فالذي ننصحك به إن كنت تائقا إلى النكاح قادرا على مؤنه أن تبادر به صيانة لنفسك واتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وعليك أن تخاطب أهلك بما تريده من نكاح تلك الفتاة إن كانت ذات دين وخلق، وليس في ذلك أي غضاضة، أو منقصة تنافي ما بينك وبين أهلك من الاحترام.
والله أعلم.