السؤال
فضيلة الشيخ: أنا أعمل بائعا في شركة عطور خليجية مشهورة، لها فروع في الوطن العربي كله تقريباً، أقوم أنا وزملائي ومديري في العمل ببيع كثير من منتجات الشركة بأعلى من سعرها المحدد من قبل الشركة، ونأخذ الزيادة لأنفسنا، ونقوم أحيانا بإحضار منتجات لا تخص الشركة، ونقوم ببيعها في الفرع على أنها من منتجات الشركة، ونأخذ ثمنها أيضا لأنفسنا، والذي شجعنا على ذلك هو أننا علمنا بشكل غير مباشر من كثير من العاملين القدامى في الشركة أن معظمهم يقوم بنفس السلوك وأن أصحاب الشركة يهمهم في المقام الأول تحقيق المستهدفات من البيع التي يحددونها لكل فرع، ويغضون الطرف عن أي شيء آخر، ولكن طبعا بشكل غير رسمي.
المهم أننا اعتدنا هذا السلوك منذ فترة وحققنا مكاسب تعد بعشرات الألوف من هذه العملية، وكنت قد استفتيت موقع الإسلام اليوم من فترة، وأفتاني أنه ليس علينا شيء ما دام أننا نحقق سقف المبيعات التي تحدده الشركة لنا، وما دام أننا لا نجد عملا بديلا، ولكن إذا توفر العمل البديل المناسب فعلينا ترك هذا العمل الذي فيه شبهه أو نكف عن ذلك، ولكنني ما زلت غير مرتاح الضمير، وأحس بأن هذا الذي نقوم به عمل مخالف وحرام شرعاً، وهذا الشعور دفعني إلى أن أنفق كل الأموال التي جمعتها تقريبا على فقراء المسلمين والمحتاجين وأكتفي براتبي فقط في الإنفاق على زوجتي وأولادي ... فهل هذا يكفي ؟ بالله عليكم أفتوني في أمري.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لكم أخذ الفرق بين الثمن المحدد من قبل الشركة والثمن الذي تبيعون به البضاعة والزيادة للشركة ما لم تأذن لكم في أخذها، فقد نص العلماء على أن الزيادة التي يكسبها الوكيل ترجع إلى موكله؛ لأن الوكيل مؤتمن على ما تحت يده، ولا بد أن يتصرف بما فيه مصلحة الموكل، فأخذ هذه الزيادة خيانة وأكل لأموال الناس بالباطل.
قال: صاحب الكفاف -وهو من علماء المالكية:
وإن يزد فالزيدُ للموكِّل * لا لوكيله الذي لم يعدل
كما لا يجوز لكم بيع المنتجات الأخرى في محلات الشركة دون إذنها، وذلك الفعل يتضمن أمورا محرمة كلها:
أولا: ما فيها من الاعتداء على الشركة باستغلال محلاتها في بيع بضاعة غير بضاعتها دون إذنها.
ثانيا: أن بيع تلك البضاعة في محلات الشركة قد يوهم المشتري أنها من منتجاتها وربما تكون رديئة فيفسد ذلك سمعة الشركة.
ثالثا: أن بيع البضاعة للمشتري على أنها من منتجات الشركة وهي ليست كذلك يعتبر غشا، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.
وأما كونكم قد وجدتم العاملين قبلكم يفعلون تلك الأفعال المحرمة فهذا لا يبيح لكم الاقتداء بهم في ذلك ومجاراتهم فيما يفعلونه من أمور محرمة، وقد قيل:
وليس بالمفيد جري العيد * بخلف أمر المبدئ المعيد
فالعرف إن صادم أمر الباري * وجب أن ينبذ بالبراري
يعني أن جريان العادة بخلاف حكم الشرع لا اعتبار له.
وبالتالي، فعليكم أن تكفوا عن تلك الأفعال، وتتوبوا إلى الله تعالى منها، وما أخذتموه من فارق الأسعار يلزمكم رده إلى الشركة ما لم تبرئكم منه، وعليكم أن تتحللوا منها عن بيع الأغراض الخاصة بكم في محلاتها.
وأما بقاؤكم في ذلك العمل فلا حرج فيه، لكن يلزمكم أن تكفوا عن الأعمال المحرمة كالغش والخيانة وأكل أموال الناس بالباطل.
والله أعلم.