السؤال
أنا متزوجه والحمد لله من زوج فاضل ولكن للأسف لا يتبع الفطرة في حلق العانة أو نتف الأبط، وعندما سألته وأنا في استحياء شديد قال إنه تحدث له التهابات جلدية من الإزالة. أخشى عليه الإثم ولا أستطيع نصحه لحيائي وخشية غضبه من الإلحاح. فماذا أفعل؟ ممكن مراسلتي عل إميلي.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لك حرصك على اتباع السنة، ثم اعلمي أن نتف الإبط وحلق العانة سنة في قول الجمهور فلا يترتب الإثم على من تركها، وذهب بعض العلماء إلى وجوب هذه الخصال ومنهم القاضي أبو بكر بن العربي، وتعقبه الحافظ في الفتح مائلا إلى القول بالاستحباب وهو قول الجماهير كما مر.
وعبارة الحافظ في الفتح: وَأَغْرَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ عِنْدِي أَنَّ الْخِصَالَ الْخَمْسَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كُلَّهَا وَاجِبَةٌ فَإِنَّ الْمَرْءَ لَوْ تَرَكَهَا لَمْ تَبْقَ صُورَتُهُ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّينَ فَكَيْفَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ. كَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ وَتَعَقَّبَهُ أَبُو شَامَةَ بِأَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي مَقْصُودُهَا مَطْلُوبٌ لِتَحْسِينِ الْخَلْقِ وَهِيَ النَّظَافَةُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى وُرُودِ أَمْرِ إِيجَابٍ لِلشَّارِعِ فِيهَا اكْتِفَاءً بِدَوَاعِي الْأَنْفُسِ، فَمُجَرَّدُ النَّدْبِ إِلَيْهَا كَافٍ. وَنقل ابن دَقِيقِ الْعِيدِ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ قَالَ دَلَّ الْخَبَرُ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ بِمَعْنَى الدِّينِ، وَالْأَصْلُ فِيمَا أُضِيفَ إِلَى الشَّيْءِ أَنَّهُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَرْكَانِهِ لَا مِنْ زَوَائِدِهِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ، وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِاتِّبَاعِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْخِصَالَ أُمِرَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكُلُّ شَيْءٍ أَمَرَ اللَّهُ بِاتِّبَاعِهِ فَهُوَ عَلَى الْوُجُوبِ لِمَنْ أُمِرَ بِهِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ وُجُوبَ الِاتِّبَاعِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ كُلِّ مَتْبُوعٍ فِيهِ بَلْ يَتِمُّ الِاتِّبَاعُ بِالِامْتِثَالِ، فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْمَتْبُوعِ كَانَ وَاجِبًا عَلَى التَّابِعِ، أَوْ نَدْبًا فَنُدِبَ، فَيَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ وُجُوبِ هَذِهِ الْخِصَالِ عَلَى الْأُمَّةِ عَلَى ثُبُوتِ كَوْنِهَا كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْخَلِيلِ عليه السلام. انتهى.
فإذا علمت ما مر وأن زوجك ليس عليه إثم في ترك ما يترك من خصال الفطرة في قول الجمهور، فإن الأولى له بلا شك أن يحافظ عليها خروجا من الخلاف وتحصيلا لأجر متابعة السنة، وإن كان الأمر كما ذكر من كونه مصابا بالتهابات تمنعه من نتف الإبط وحلق العانة فإن في إمكانه أن يحصل أصل السنة ولو باستعمال المقص في إزالة ما يقدر على إزالته به من الشعر الزائد، فإن القص القريب من الحلق يحصل به أصل السنة كما ذكر ذلك العلماء.
قال الحافظ رحمه الله نقلا عن أبي شامة: وَيَقُومُ التَّنَوُّرُ مَكَانَ الْحَلْقِ، وَكَذَلِكَ النَّتْفُ وَالْقَصُّ، وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ أَخْذِ الْعَانَةِ بِالْمِقْرَاضِ فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَ. انتهى.
فيمكنك أن تبيني هذا لزوجك بأسلوب حسن رقيق لا يؤذيه، فتذكري له أن أهل العلم قالوا كذا وكذا وأنه لو فعل هذا لكان أحسن وأكمل لمثوبته إن شاء الله.
والله أعلم.