السؤال
ما الفرق بين الخوف والخشية في قوله تعالى: (يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب)؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أما بعد:
فإن الخوف والخشية لفظان متقاربان، لا مترادفان، وبينهما عموم وخصوص: فالخشية أخصّ من الخوف، وأعلى مقامًا منه؛ لأنها خوف مقرون بمعرفة.
والفرق بينهما في الآية الكريمة هو أن أولي الألباب الذين وصفهم الله تعالى في هذه الآية بعدة أوصاف منها: {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} أي: في جميع المعاصي، فيحافظون على حدود الله، ويبتعدون عن محارمه، {وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} أي: الاستقصاء في الحساب، والمناقشة يوم القيامة؛ لأن من نوقش الحساب عذّب.
وقد لخص الإمام ابن القيم -رحمه الله- الفرق بينهما في "مدارج السالكين"، فقال: الخوف اضطراب القلب، وحركته من تذكر المخوّف..، وقيل: الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره، والخشية أخصّ من الخوف؛ فإن الخشية للعلماء بالله، قال الله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء (فاطر:28)، فهي خوف مقرون بمعرفة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني أتقاكم لله، وأشدكم له خشية، فالخوف حركة، والخشية انجماع، وانقباض، وسكون. انتهى بتصرف يسير.
والحاصل: أن الخوف هو اضطراب القلب وحركته -أي: هرب القلب مِن حلول المكروه عند الشعور به-، وأما الخشية فهي: انجماع وانقباض وسكون، وخوف مقرون بمعرفة؛ ولذلك وصف الله تعالى العلماء بالخشية، فقال سبحانه: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ [فاطر:28]، وذلك لأنهم إذا خافوا ربهم سكنوا إليه؛ فكان الخوف هروبًا من المخوّف، والخشية هي السكون بعده.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني