السؤال
حينما أقرأ ذكرًا معينًا، أو أقرأ القرآن. كيف أحقق تدبر المعاني وحضور الذهن مع عدم علمي وعدم قراءتي في التفسير؟ وهل أجتهد في محاولة الفهم؟ أم أنني لا أفعل ذلك حتى أسأل وأتعلم مخافة أنني قد أخطئ في الفهم بسبب قلة علمي في آيات وأذكار واضحة؟ وهل أستحضر المعاني التي تأتي في عقلي بالرغم من عدم قراءتي لمعانيها من كتاب موثوق وعدم سماعي لمعانيها من عالم معتبر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فاحرص على التدبر والتفهم بحسب استطاعتك ثم اسأل العلماء عما لم تفهمه، فالتدبر في التلاوة والذكر مطلوب، لقوله تعالى: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب { ص:19}.
وقد قال الإمام النووي -رحمه الله- : اعلم أن تلاوة القرآن هي أفضل الأذكار، والمطلوب القراءة بالتدبر. اهـ.
وقال: ينبغي للقارئ أن يكون شأنه الخشوع والتدبر والخضوع، فهذا هو المقصود المطلوب، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، ودلالته أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، وقد بات جماعة من السلف يتلو الواحد منهم آية واحدة ليلة كاملة، ومعظم ليله يتدبرها عند القراءة. اهـ.
وقال -أيضاً- في كتابه الأذكار: المراد من الذكر حضور القلب، فينبغي أن يكون هو مقصود الذاكر، فيحرص على تحصيله، ويتدبر ما يذكر، ويتعقل معناه، فالتدبر في الذكر مطلوب، كما هو مطلوب في القراءة لاشتراكهما في المعنى المقصود .إلخ.
وقد عاب الله على قوم لا يتدبرون القرآن فقال: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا {محمد: 24}. وقال تعالى: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {الحشر: 21}.
ومن أعظم ما يعين على حضور الذهن عند التلاوة والذكر فراغ القلب عن شواغل الدنيا، فإن ذلك أدعى لتحصيل الغرض وتحقق المقصود، فقد قال الله تعالى: وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً {المزمل: 8}.
ويضاف لذلك تحري الأوقات التي يكون القلب فيها أبعد ما يكون عن الشواغل وأقرب ما يكون إلى الخشوع؛ كالوقت الذي بعد صلاة الفجر وجوف الليل ونحو ذلك.
والله أعلم.