السؤال
أنا طالب في كلية الطب، وأستلم المحاضرات الطبية التي يلقيها المدرس على بريدي الإلكتروني من قبل أحد زملائي الطلاب، وهذه المحاضرات أسلوبها واضح وجيد إلى حد ما ـ ولله الحمد ـ ولكنني أحب أن أزيد فهمي وأُحسّن استيعابي للمحاضرة، فألجأ إلى موقع اليوتيوب فأشاهد شروحات أخرى للمحاضرة تكون بأسلوب أوضح وأسهل بكثير من محاضرات المدرس، لكن المشكلة أن بعض تلك الشروح قد تعتريها صور للنساء فأقوم ـ بفضل من الله ومنه ـ بإغلاق المقطع على الفور والبحث عن مقطع آخر يكون خاليا من المحظورات الشرعية ـ نساء، عورات مغلظة، إلخ ـ وديننا ـ على حد علمي ـ لا يؤاخذ بالنظرة الأولى، فعندما أذهب لأشاهد مقطعا آخر، يكون عندي قلق أثناء مشاهدة المقطع من ظهور صور مخالفة للشريعة، فإذا ظهرت أقوم على الفور بإغلاق المقطع والبحث عن آخر، فهل علي ذنب إذا تكرر مني هذا الشيء ـ أتوقع ظهور صور النساء فتظهر ثم أغلق المقطع وأبحث عن آخر وهكذا ـ مع العلم أنه ثمة عدد لا بأس به من المحاضرات الخالية من أي محظور شرعي؟ أفتوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فإذا لم تكن على يقين من وجود تلك الصور ضمن شرح المادة فلا حرج عليك في مطالعة الموضوع والاستفادة مما فيه من المباح، وتوقع وجود تلك الصور لا يحرم أمرا مباحا، وإذا قدر أن عثرت على صورة من النوع المحرم فاصرف نظرك عنها، ولا تؤاخذ بوقوع بصرك عليها أول مرة، شأنها شأن نظرة الفجاءة، لكن إن كنت تعلم أن مطالعة المحاضرات في الموقع المذكور تترتب عليها قطعا رؤية الصورالخليعة فلا يجوزلك حينئذ فتح ذلك الموقع، لأنه يؤدي إلى مشاهدة تلك المحرمات، وسد باب الحرام واجب، فعليك أن تبتعد عما يؤدي إلى تلك المناظر المحرمة، ولتقتصرعلى ما هو متاح لك من المحاضرات الخالية من المحظور، وهي موجودة كما ذكر في السؤال، فإن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين بغض أبصارهم فقال: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ {النور:30}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي ـ رضي الله عنه: لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الثانية. رواه أصحاب السنن.
فإطلاق البصر إلى ما حرم الله تعالى يورث عمى القلب، وضعف البصيرة، والوقوع في الرذيلة، وغير ذلك من المفاسد، كما قال ابن القيم وغيره، ولو نظر المسلم إلى حرام نظر فجأة عن غير قصد فلا حرج، ولكن يجب عليه صرف بصره، كما جاء في صحيح مسلم عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري.
قال النووي: ومعنى الفجأة أن يقع بصره على الأجنبية من غير قصد فلا إثم عليه في أول ذلك، ويجب عليه أن يصرف بصره في الحال، فإن صرف في الحال فلا إثم عليه، وإن استدام النظر أثم لهذا الحديث، فإنه صلى الله عليه وسلم أمره بأن يصرف بصره. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 152703
والله أعلم.