السؤال
قال أحد الخطباء هذا الحديث: أول ما خلق الله القلم، فقال: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: اكتب يا أمة إبراهيم من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني دخل النار، ومثله في موسى وعيسى إلى سيدنا محمد قال: من أطاعني دخل الجنة، ثم سكت. قال القلم: أكتب ومن عصاني دخل النار. قال: اكتب أمة مذنبة ورب غفور. فما صحة هذا الحديث؟ وأين أجده في السنن أو الصحاح؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث بهذا السياق ليس واردا في شيء من الصحاح ولا السنن ولا المسانيد، ولم نجده حسب بحثنا في شيء من كتب الحديث البتة، ولا في كتب الموضوعات، وظننا أنه مما لا أصل له، فلينبه هذا الخطيب على هذا الأمر، وليعلم أن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد، وأنه لا يجوز له أن يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء حتى يتحقق من نسبته إليه، ويكون مما حكم الحفاظ بوروده عنه صلى الله عليه وسلم.
هذا، والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي داود وغيره من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ قَالَ: رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ. وأما حديث: أمة مذنبة ورب غفور. فقد ذكره الألباني في الضعيفة، ولفظه: قال صلى الله عليه وسلم: (دخلت الجنة فرأيت في عارضتي الجنة مكتوباً ثلاثة أسطر بالذهب - لا بماء الذهب -: السطر الأول: لا إله إلا الله محمد رسول الله. والسطر الثاني: ما قدمنا وجدنا، وما أكلنا ربحنا، وما خلفنا خسرنا. والسطر الثالث: أمة مذنبة ورب غفور). قال الألباني عقب ذكره له: منكر. رواه الرافعي في "تاريخه" (3/ 91) معلقاً بإسناد مظلم عن علي بن عاصم عن حميد الطويل عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:. . . فذكره. قلت: ومع ظلمة إسناده، وجهالة من دون ابن عاصم من رواته، فإن ابن عاصم هذا قد تكلم فيه من قبل حفظه وإصراره على خطئه، وذكر له ابن عدي مناكير، وهذا منها بلا شك إن سلم ممن دونه. انتهى.
والله أعلم.