الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموسوس عليه أن يسد باب الوسوسة ويعرض عنها بالكلية

السؤال

أتمنى أن لا تهملوا سؤالي ولا تحيلوني على فتوى أخرى جزاكم الله خيرا : أنا أؤمن أن لا تعارض في أقوال وأفعال وتقارير النبي صلى الله عليه وسلم، إنما التعارض يكون في ذهن المجتهد وليس في حقيقة الأمر، هذا ما أؤمن به، لكن يأتيني وسواس كثير يقول لي : " كيف لا تعارض في الأحاديث وكذا وكذا..." فأنا أدفعه، وفي نفس الوقت أحاول أن أدرس وأفهم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وبالأمس بعد أن صليت العشاء وجلست لأقول الأذكار، أتاني وسواس وقال لي : " حتى ولو درست الأحاديث فلن تصل إلى شيء" فلم ألتفت إليه، ثم زاد وقال " ستبقى هكذا حتى يقترب أجلك ولن تفهم هذه الأحاديث لأنه لا تفسير لها " أستغفر الله العظيم وأتوب إليه، سيدي، أحسست للحظات وكأنني أصدقه وسأسير معه في قوله، لكني تراجعت وبدأت أوطن نفسي على ما ذكرت في أول سؤالي هذا، ومع ذلك قلت في نفسي : "إن كان ما وقعت فيه ناقضا من نواقض الإسلام فسأنطق الشهادتين بنية الدخول في الإسلام، وآخذ برأي من يقول إنه لا يجب الغسل على المرتد إذا تاب " ففعلت، فجاءني هاجس " عليك إعادة صلاة العشاء" فقلت " حتى ولو لم أصلها، فلن أكون مرتدا لأنني لم أترك الصلاة بالكلية، وسأصلي صلاة الفجر" فأتاني هاجس " هناك من العلماء من يقول إن من ترك فرضا واحدا حتى خرج وقته يعد مرتدا، وأنت بما أنك قلت بأنك لن تصل صلاة العشاء فقد خرجت عن الإسلام مرة أخرى " فنطقت الشهادتين من جديد بنية الدخول في الإسلام والأخذ بقول من يقول إن أعمال المرتد ترجع إليه إذا تاب وعاد" ونمت، وعندما استيقظت لصلاة الصبح وقبل أن أتوضأ نطقت الشهادتين من جديد بنية الدخول في الإسلام خشية أن أكون بنية عدم صلاتي للعشاء قد وقعت في ناقض من نواقض الإسلام. سيدي أرجوكم أجيبوني على التالي : أولا : هل ما وقعت فيه من أنني أحسست للحظات وكأنني أصدق ذلك الوسواس الذي يقول أن لا تفسير لأحاديث النبي، عليه الصلاة والسلام، المتعارضة ظاهرا، هل ما وقعت فيه يعتبر ردة عن الإسلام؟ لأنني يأتيني هذا كثيرا، وماذا لو ذكرت ذلك بيني وبين نفسي، مع تحريك الشفتين، بنية استرجاع ما حدث حتى أثبت لنفسي أنه لم يصدر مني ما ينقض إسلامي؟ ثانيا : هل ما بدر مني من نية عدم صلاة العشاء يعتبر ردة؟ وهل علي إعادة صلاة العشاء؟ أجيبوني ولا تحيلوني على فتوى أخرى جزاكم الله خيرا. ثالثا : هل ما بدر مني من تكرار النطق بالشهادتين بنية الدخول في الإسلام صواب لأنني أقوم به كلما أحسست أنه قد نقض إسلامي؟ أم تنصحوني بعدم الالتفات إلى ما حدث مني " تكرار نطق الشهادتين " وأحيا على أنني مسلم فلا ألتفت لهذا أبدا، أم علي الإتيان بالشهادتين من جديد والاغتسال؟ علما أنني متزوج.. جزاكم الله الفردوس الأعلى أجيبوني .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأنت أيها الأخ الكريم مصاب بشيء كبير من الوسوسة، وهذا ظاهر في سؤالك هذا خاصة وفي أسئلتك عامة، ونحن ننصحك كما ننصح غيرك من الموسوسين بسد باب الوسوسة والإعراض عنها بالكلية وعدم الالتفات إلى شيء منها، وليس الخاطر الذي عرض لك ناقضا لإسلامك ولم يكن يلزمك إعادة صلاة العشاء أصلا حتى يكون عزمك على تركها ناقضا للإسلام، بل كل هذا وسوسة شيطانية وخيالات وأوهام عليك أن تعرض عنها، واعلم أن الأصل هو بقاء عصمة الإسلام والحمد لله، ولا يزول عنك هذا الأصل إلا بيقين الإتيان بناقض من نواقضه، وليس حديث النفس وما يعرض من الخواطر مما ينقل عن الملة ما دام العبد كارها للوساوس نافرا منها حريصا على التخلص منها. وأما النطق بالشهادتين فهو فعل حسن وهو مما يتقرب به إلى الله تعالى، والأحاديث في فضل لا إله إلا الله كثيرة جدا، فالزم هذا الذكر المبارك لكن لا على هذا الوجه المذموم وهو اعتقاد أنك خرجت من الإسلام، وأنك بذلك تدخل فيه مرة أخرى، بل اعتقد اعتقادا جازما أنك مسلم والحمد لله، واطرح عن نفسك هذه الوساوس والخيالات التي تفتح عليك من أبواب الشر ما لا قبل لك به، واحرص على تعلم العلم الشرعي من أهله المعروفين بالرسوخ فيه، فإن هذا من أعظم ما يعصمك من كيد الشيطان ومكره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني