السؤال
أنا مسلم سني، كنت أسأل أحد الشيوخ الذين أثق فيهم عن القرآن لأستفيد في ديني، وفهمت من شيخ كان يفتيني ـ وقد يكون ذلك بالخطأ مني في الفهم حتى لا أتهمه بالباطل دون أن أدري ـ أن أهل السنة يجب أن يعرفوا أن القرآن قديم ـ أي أزلي ـ بقدم الله، ثم بعد أسبوعين قرأت وفهمت أن هذه المعلومة خاطئة، فهل حصل مني ردة أو كفر بسبب ما فهمته، سواء كان الشيخ يقصد هذا المعنى أو أنني فهمت خطأ؟ مع العلم أنني أعلم أن القرآن ليس مخلوقا، وأنه كلام الله، وأن الله قادر على كل شيء، وفي هذه الأثناء كنت أؤدي كفارة وهي صيام ستين يوما متتابعة. فهل علي أن أعيد صيام هذه الأيام من جديد؟ وهل أعذر بالجهل في هذا الموقف تحديدا؟ أم لا أعذر وتكون ردة؟ الرجاء عدم تحويلي على فتوى أخرى، لأنني أريد أن أعرف هل أعيد صيام الكفارة أم لا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فالقرآن الكريم هو كلام الله غير مخلوق، والقول بأنه أزلي بمعنى أنه تكلم الله به في الأزل، وأنه قديم العين يعتبر من البدع بلا شك، ولم يكن من هدي السلف الخوض في مثل هذه المسائل، بل كانوا يقولون كلام الله غير مخلوق، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: كان الإمام أحمد يسد الكلام في هذا الباب ولا يجوزه، وكذلك كان يبدع من يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، ويضلل من يقول: لفظي بالقرآن قديم، ويكفر من يقول: القرآن مخلوق، بل يقول: القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، وينهى عن الخوض في مسألة اللفظ، ولا ريب أن تلفظنا بالقرآن من كسبنا، والقرآن الملفوظ المتلو كلام الله تعالى غير مخلوق، والتلاوة والتلفظ والكتابة والصوت به من أفعالنا. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه المسمى فتح الباري شرح صحيح البخاري: والمحفوظ عن جمهور السلف ترك الخوض في ذلك والتعمق فيه، والاقتصار على القول بأن القرآن كلام الله، وأنه غير مخلوق، ثم السكوت عما وراء ذلك.
وقال ابن حجر أيضا في فتح الباري: من شدة اللبس في هذه المسألة كثر نهي السلف عن الخوض فيها واكتفوا باعتقاد أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولم يزيدوا على ذلك شيئا، وهو أسلم الأقوال. اهـ.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 45686 133073 132146.
فإذا عرفت أن هذا الكلام بدعة وليس كفرا كما قال الإمام أحمد، فأبعد عنك الوسوسة في موضوع الردة وصومك صحيح ـ إن شاء الله ـ وأنت قد ذكرت أنك تعلم أن القرآن ليس مخلوقا وأنه كلام الله، فلا وجه لهذا الخوف. والحذر الحذر من الوسوسة.
والله أعلم.