السؤال
هل تخرج الشياطين كلها من البيت عند قراءة سورة البقرة؟ وهل يشمل هذا خادم السحر في جسم المريض؟ وهل تأثير سورة البقرة أو التحصين بها يزول عند ارتكاب أي معصية من المريض أو غيره؟
هل تخرج الشياطين كلها من البيت عند قراءة سورة البقرة؟ وهل يشمل هذا خادم السحر في جسم المريض؟ وهل تأثير سورة البقرة أو التحصين بها يزول عند ارتكاب أي معصية من المريض أو غيره؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة سورة البقرة من الأسباب القوية -بإذن الله- للعلاج، خاصة المتصل بالمس الشيطاني والسحر، فقد ثبت في فضلها أنها تنفر الشياطين من البيت الذي تقرأ فيه ولا يستطيعها، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال فيها: إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. رواه مسلم.
وفي الحديث: اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة. رواه مسلم.
وفي الحديث: إن الله -عزَّ وجلَّ- كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة لا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان. رواه الترمذي، والحاكم، والطبراني، وقال الهيثمي: رجاله ثقات، وصححه الألباني.
وفي البخاري: أن الشيطان قال لأبي هريرة: إذا أويت إلى فراشك فأقرأ آية الكرسي، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ،، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، ولما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم بذلك، قال: صدقك وهو كذوب.
وظاهر هذه النصوص العموم وشمولها لما تسميه بخادم السحر، هذا وإننا لا نعلم أصلاً في الشريعة يمكن أن يعتمد عليه نفيًا أو إثباتًا في مسألة وجود خادم السحر، كما أن تأثير معصية المريض على أثر قراءة البقرة في علاجه لا نعلم نصًا فيها، ولكن عموم الحديث يدل على أن الشياطين تنفر عند قراءتها، ومع ذلك فلا يبعد أن تسبب معصية المريض عدم حصول العلاج المرجو، كما قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: وربما حُرِمَ الإنسانُ رزقَهُ أو بعضَه بذنب يُصيبه، كما في حديث ثوبان، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «إنَّ العبدَ ليُحرَمُ الرِّزق بالذَّنب يُصيبه.
وقال ابن القيم في كتابه الجواب الكافي: وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تَمْحَقُ بَرَكَةَ الْعُمُرِ، وَبَرَكَةَ الرِّزْقِ، وَبَرَكَةَ الْعِلْمِ، وَبَرَكَةَ الْعَمَلِ، وَبَرَكَةَ الطَّاعَةِ.
وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّهَا تَمْحَقُ بَرَكَةَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، فَلَا تَجِدُ أَقَلَّ بَرَكَةٍ فِي عُمُرِهِ وَدِينِهِ وَدُنْيَاهُ مِمَّنْ عَصَى اللَّهَ، وَمَا مُحِقَتِ الْبَرَكَةُ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا بِمَعَاصِي الْخَلْقِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الْأَعْرَافِ: 96]، وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا - لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [الْجِنِّ: 16 - 17]. وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّهُ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ، وَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الرَّوْحَ وَالْفَرَحَ فِي الرِّضَى وَالْيَقِينِ، وَجَعَلَ الْهَمَّ وَالْحُزْنَ فِي الشَّكِّ وَالسُّخْطِ». انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني