السؤال
كنت منتهية من الصلاة فجاءت أختي وأعطتني أخي لأمسكه أو أنتبه عليه وهي تصلي ومن الممكن أنني كشرت لأنني لا أريد أن أنتبه له وقلت لها نزليه وحطيه على السرير وسآتيه، فقالت لا أريد أن أنزل للدور الأول وأحطه وأتعب أو قالت أنا تعبانة وبعد ذلك أخذته وقلت أكرهها، وللعلم فهي أحيانا تستفزني وبعد ذلك كنت تائبة لربي من الاستهزاء الذي أعلمه والذي لا أعلمه وأتوب وقلت إن شاء الله سأقلل من الذنوب الصغيرة وأترك الكبيرة والصغيرة التي استمررت عليها مثل الأغاني أو المسلسلات وحولتها إلى الكبيرة، لكني خفت أن أقول سأتركها وأنا أحس أنني لن أتركها ولا أريد أن أعد الله سبحانه، وقلت إني سأتركها عندما تصير من صغائر الذنوب ويوم قلت أكرهها أكرهها وكان ضميري يقول كنت قلت بلساني أتذكرين الذي وعدت به ربنا وبعد ذلك قلت طيب لا أحبها لا أحبها، فهل الكلمة التي قلتها فيها استهزاء بالله؟ أحسست أن الكلام الذي قلته به استهزاء فهل تحسون من الكلام الذي قلته استهزاء؟ مع أنني قلتها بصوت لا أتذكر عال أو منخفض أو متوسط، لكن أظن أنه متوسط مائل للانخفاض ويوم قلت لا أحبها لا أحبها قلتها لا أدري هل هو بعصبية أو بتذمر أو بأي طريقة، فهل يقع الاستهزاء؟ مع أنني أحس أنه بدون قصد، أقول مرة بقصد ومرة بدون قصد ومرة أقول إنها يمكن أن يصير فيها قلة أدب مع الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتعلم السائلة أنها ما لم تعرض عن الوساوس فإن أسئلتها لن تنتهي ولن يهدأ لها بال إلا بالإعراض، وقد نصحناها تكرارا ومرارا بهذا، ويحسن بها أن تطلب العلاج كذلك بمراجعة بعض الأطباء النفسانيين امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي، والاجتهاد في الدعاء واستعمال الرقى الشرعية، وأما التوبة: فهي واجبة من جميع الذنوب صغيرها وكبيرها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر من جميع الذنوب كبيرها وصغيرها، وذلك تعليما لأمته، فكان صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره. رواه مسلم.
ويتعين كذلك الاستغفار والتوبة مما علمه العبد وما لم يعلمه، كما قال ابن القيم في مدارج السالكين: ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة مما يعلم من ذنوبه ومما لا يعلم، فإن ما لا يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه، وفي صحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل، فقال أبو بكر: فكيف الخلاص منه يا رسول الله؟ قال: أن تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم ـ فهذا طلب الاستغفار مما يعلمه الله أنه ذنب ولا يعلمه العبد، وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو في صلاته: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت إلهي لا إله إلا أنت، وفي الحديث الآخر: اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله خطأه وعمده سره وعلانيته أوله وآخره ـ فهذا التعميم وهذا الشمول لتأتي التوبة على ما علمه العبد من ذنوبه وما لم يعلمه. اهـ.
والله أعلم.