السؤال
تقدم لخطبتي عريس مقيم في السعودية، و طلب من والدي الرد عليه سواء بالموافقه أو بالرفض. و لكن والدي لم يرد عليه حتى الآن. وقال ننتظر حتى ينزل العريس مصر أولا وبعدها نقرر. والعريس سوف ينزل مصر إن شاء الله بعد العيد الكبير.
حاليا تقدم لي عريس آخر و سوف يزورنا خلال أسبوع أو اثنين، فهل لو تمت الموافقة على هذا العريس الجديد نكون بذلك ظلمنا الأخ المقيم بالسعودية؛ لأنه رتب نفسه على أن ينزل مصر ليتقدم لي ورفضنا له بعد مرور أكثر من شهرين سوف يكون سبب له التعطل عن البحث عن أخرى لأن مدة إجازته قصيرة.
هل نأثم لو وافقنا على العريس الجديد؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمتم لم تقبلوا بالخاطب الأول فلا حرج عليكم في استقبال الخاطب الثاني، فإن هذا ليس من الخطبة على الخطبة المنهي عنه، وإنما تحرم الخطبة إذا رضيت المرأة بالخاطب الأول، ففي صحيح مسلم أن فاطمة بنت قيس طلقت، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا حللت فآذنيني. قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد.
قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: .. قد أَخْبَرَتْهُ فَاطِمَةُ أَنَّ رَجُلَيْنِ خَطَبَاهَا وَلَا أَحْسِبُهُمَا يَخْطُبَانِهَا إلَّا وقد تَقَدَّمَتْ خِطْبَةُ أَحَدِهِمَا خِطْبَةَ الاخر، لِأَنَّهُ قَلَّ ما يَخْطُبُ اثْنَانِ مَعًا في وَقْتٍ فلم تَعْلَمْهُ قال لها ما كان يَنْبَغِي لَك أَنْ يَخْطُبَك وَاحِدٌ حتى يَدَعَ الْآخَرُ خِطْبَتَك، وَلَا قال ذلك لها وَخَطَبَهَا هو صلى اللَّهُ عليه وسلم على غَيْرِهِمَا ولم يَكُنْ في حَدِيثِهَا أنها رَضِيَتْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَا سَخِطَتْهُ، وَحَدِيثُهَا يَدُلُّ على أنها مُرْتَادَةٌ وَلَا رَاضِيَةٌ بِهِمَا وَلَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمُنْتَظِرَةٌ غَيْرَهُمَا أو مُمِيلَةٌ بَيْنَهُمَا فلما خَطَبَهَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على أُسَامَةَ وَنَكَحَتْهُ دَلَّ على ما وَصَفْت من أَنَّ الْخِطْبَةَ وَاسِعَةٌ لِلْخَاطِبَيْنِ ما لم تَرْضَ الْمَرْأَةُ. اهـ من الأم.
وقال في مغني المحتاج على شرح المنهاج: فَإِنْ لَمْ يُجَبْ وَلَمْ يُرَدَّ بِأَنْ سُكِتَ عَنْ التَّصْرِيحِ لِلْخَاطِبِ بِإِجَابَةٍ أَوْ رَدٍّ..أَوْ ذِكْرُ مَا يُشْعِرُ بِالرِّضَا، نَحْوُ: لَا رَغْبَةَ عَنْكَ لَمْ تَحْرُمْ فِي الْأَظْهَرِ { لِأَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ }. وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ أَبَا جَهْمٍ وَمُعَاوِيَةَ خَطَبَاهَا، وَخَطَبَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُسَامَةَ بَعْدَ خِطْبَتِهِمَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ أَجَابَتْ وَاحِدًا مِنْهُمَا. انتهى.
لكن ينبغي عليكم إذا قبلتم بالخاطب الثاني أن تخبروا الأول بعدم قبوله حتى يبحث عن غيرك.
والله أعلم.