السؤال
سبق وأن أرسلت لكم سؤالا منذ حوالي 20 يوما وهو برقم: 2316218 ولم تتم إجابتي حتى الآن.
وسؤالي هو: أنا أعمل بإحدى دول الخليج وزوجتي ترفض السفر والإقامة معي، وأنا متزوج منذ خمس سنوات وهناك مشاكل باستمرار مع زوجتي بسبب عدم طاعتها لي وتدخل أهلها السافر في كل شئ بحياتي، ولدي منها طفلان ومنذ حوالي شهرين قامت هي وشقيقها بالادعاء علي كذباً وافتراء بأني على علاقة بسيدة مطلقة في البلد الذي أعمل به وأني أقضي مع هذه السيدة نهاية كل أسبوع، وأن هذه السيدة تعطيني المال وتمنحني الطعام والشراب. وقد تحدثت مع زوجتي في هذا الموضوع وحلفت لها في الهاتف بهذين القسمين: الأول قلت لها: تكونين محرمة علي مثل أمي وأختي أن هذا الكلام كله كذب وافتراء - والقسم الثاني قلت لها: علي الطلاق بالثلاثة أن كل هذا الكلام كذب وإفتراء - وأشهد الله ياشيخ أن كل هذا الكلام كذب وبهتان.
فما الحكم في هذين القسمين وهل علي وزر فيهما؟
وقد سألتها من أين جاءت بهذا الكذب فقالت لي إن أخاها له صديق في الدولة التي أعمل بها وقد اتصل هذا الصديق بعملي وسأل عني وعرف هذه المعلومات، ورغم هذين القسمين لها ما زالت ترفض أن تعترف أن هذا الكلام كذب مما جعلني أحلف لها هذا اليمن قلت لها: علي الطلاق بالثلاثة أنه لن يجمعنا بيت واحد قبل أن تعرفي حقيقة هذا الكلام، واتصلت بأخيها وسألته عن من هذا الشخص الذي كذب علي فرفض وقالي لي لن أقول لك أي شئ وأعلى ما في خيلك أركبه، فأخبرته أني حلفت على أختة هذا اليمين فقال لي طلقها لو عاوز ولكني لن أخبرك بشيء.
فماذا أفعل مع هذه الزوجة فأنا في حيرة من أمري. أفيدوني جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجبناك على سؤالك السابق في الفتوى رقم : 162467
وأما بخصوص حلفك على زوجتك بالطلاق الثلاث ألا يجمعكما بيت إذا لم تخبرك بحقيقة الكلام الذي أشاعوه عنك، فإن كانت أخبرتك بما تعرفه –كما هو الظاهر- فلا إشكال حينئذ لأن يمينك قد انحلت ولم يعد ثمت شيء، وأما إن كنت حنثت في يمينك بمخالفة زوجتك لك فيما قصدته، فهاهنا احتمالان:
الأول : أن تكون قصدت حقيقة ألا يجمعكما بيت واحد، ففي هذه الحال إذا اجتمعتما في بيت واحد طلقت منك ثلاثا.
والاحتمال الثاني: أن تكون قصدت الطلاق بقولك : لا يجمعنا بيت واحد. ففي هذه الحال تطلق منك زوجتك طلقة واحدة، لأن هذا بمنزلة قولك: عليّ الطلاق بالثلاث إذا لم تخبريني فأنت طالق.
فقد سئل الشيخ عليش عَمَّنْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا تَكُونِي طَالِقًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ إنْ كَلَّمَتْ زَيْدًا الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ ; لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ تَكُونِي طَالِقًا , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ , وَتَقَدَّمَ لَنَا أَنَّ هَذَا مِنْ تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ يَتَوَقَّفُ لُزُومُ الثَّلَاثِ فِيهِ عَلَى مَجْمُوعِ شَيْئَيْنِ : كَلَامُهَا زَيْدًا , وَعَدَمُ طَلَاقِهَا , وَهِيَ تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الْكَلَامِ فَلَمْ يُوجَدْ مَجْمُوعُ الشَّيْئَيْنِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ. فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك.
وهذا كله على مذهب الجمهور، خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أنك ما دمت لا تقصد الطلاق وإنما تقصد التهديد فلا يقع بذلك طلاق وإنما تلزمك كفارة يمين، فالذي ننصحك به أن تعرض المسألة على المحكمة الشرعية أو على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوقين.
والله أعلم.