السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم يا شيخ
سؤالي هو: نويت من أكثر من سنتين طلب العلم الشرعي، واشتريت الكتب اللازمة لذلك والحمدلله، ولكن ما أخرني كل هذه المدة هي مشكلة الحفظ يا شيخ، فأنا أجد صعوبة كبيرة في الحفظ من أيام الدراسة، وهذا ما جعلني أتجه للتخصص العلمي فرارا من الأدبي لأنه كما هو معلوم المواد العلمية تعتمد على الفهم بشكل أكبر، وقد نجحت بتفوق والحمدلله، فالفهم يسير جدا علي الحمدلله بعكس الحفظ لذلك فقط صعب علي حفظ القرآن الكريم.
وبناء على ما تقدم فهل يكفي يا شيخ أن أكتفي بقراءة تفاسير القرآن الكريم مثل تفسير السعدي وابن كثير، وفهم معاني القرآن الكريم من دون حفظ السور وكذلك بالنسبة للكتب الأخرى.
أنتظر جوابكم يا شيخ بفارغ الصبر، وأرجوا من الله تعالى أن تدعو لي بأن يشرح الله صدري وييسر لي طلب العلم كما يحب سبحانه ويرضى.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشرح صدرك ويوفقك وييسر لك تحصيل العلم النافع مع الحفظ والفهم والإخلاص لله تعالى. وهنيئا لك هذا التوجه والاهتمام بالعلوم الشرعية ، ثم عليك أن تحمدي الله تعالى أن أنعم عليك بنعمة الفهم فإن من أوتي الفهم والفقه في الدين فقد أوتي خيرا كثيرا، ثم ينبغي أن تحاولي الجمع بين الأمرين أي حفظ القرآن وقراءة التفاسير والكتب، فتخصصي وقتا للتفهم ومعرفة المعنى ووقتا للحفظ، ولا ينبغي إهمال حفظ القرآن قدرالإمكان, وقراءة التفاسير وفهم معاني القرآن من أعظم المقاصد، والاشتغال به اشتغال بخير كثير، إلا أن الأفضل الاعتناء بحفظ ما تقدرين على حفظه من القرآن، ويستعان على حفظ القرآن بتقوى الله تعالى والإخلاص له عز وجل والصدق في طلب هذه الغاية الشريفة، وبالتدرج في الحفظ فتأخذين آيات ولو كانت قلائل فتحفظينها ثم تأخذين التي تليها وهكذا حتى يتم المقصود بإذن الله، مع الاشتغال بإدامة المراجعة وتعاهد ما تم حفظه لئلا يتفلت فإن القرآن أشد تفلتا من الإبل في عقلها كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم :96386،والفتوى رقم :124448، وكذلك الأمر بالنسبة للكتب الأخرى فلا ينبغي إهمال الحفظ إذا أراد الشخص أن يكون متمكنا من معرفة الكتاب الذي يتعلمه فإن الحفظ من أعظم وسائل التمكن في العلم وقد قيل أن العلم لا يناله إلا من حفظه، ولذلك قال بعض العلماء :
ليس بعلم ما حوى القِمَطْرُ ما العلم إلا ما حواه الصدرُ
القمطر: وعاء الكتب، وما حواه ليس بعلم، إنما العلم ما حواه الصدر؛ ولهذا قال الشافعي رحمه الله:
علمي معي حيثما يممت يتبعني قلبي وعاء له لا جوف صندوقِ
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي أو كنت في السوق كان العلم في السوقِ
ويقول ابن حزم رحمه الله:
فإن يحرقوا القرطاس لا يحرقوا الذي تضمنه القرطاس بل هو في صدري
يسير معي حيث استقلت ركائبي ويمكث إن أمكث ويدفن في قبري
ولبيان الوسائل المساعدة على الحفظ والفهم والتحصيل العلمي يرجى الاطلاع على الفتوى رقم : 67164، مع الفتاوى المحال عليها فيها ، ولا يفوتنا أن ننبه إلى أن طالب العلم يحتاج أن يستند على شيخ يوضح له ما أشكل عليه ويفتح له ما استغلق عليه.
ولمزيد الفائدة في الموضوع راجعي الفتوى رقم :121529.
والله أعلم.