الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب حسن الظن بالله وعدم الاستسلام للوساوس الشيطانية

السؤال

أنا أعاني من مشاكل نفسية عديدة، فهل إن دعوت الله أن يخلصني مما لا ذنب لي فيه، لأني لم أخلق نفسي ولم أربّ حالي سيتغير شيء؟ إنسانة مثلي ضعيفة الشخصية ومعدومة الثقة في نفسها وجبانة، والخوف والقلق والتوتر يسيطرون علي في كل موقف مهما بلغت بساطته، وأعاني من الخجل المرضي والرهاب الاجتماعي، مما أصابني بالاكتئاب والوسواس القهري وجعلني أكره نفسي وأحاول الانتحار وفوق هذا أعاني من دعوة أمي علي منذ 13 عاما بأن لا أدخل الجنة ولا أشم رائحتها، وما أعانيه من دعوتها علي ولم أثبت على طاعة منذ دعائها علي، فكل أعمالي تجعلني أرى أنني من أهل النار مهما حاولت، وأكبر دليل مصيبتي في الصلاة بسبب الوسواس القهري الذي يجعلني أعجزعنها وأتركها، فلا أعتقد أن الله إن أحب العبد أصابه بمصيبة في دينه! ولست واثقة أنني إن صليت ودعوت أن عيوب شخصيتي سأتخلص منها وأتغير للأحسن.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعلاج ما تعانين منه أيتها الأخت الكريمة أن تحسني الظن بربك تبارك وتعالى، وأن تعلمي أنه رحيم بر رؤوف كريم لطيف وأنه سبحانه أرحم بعبده من الأم بولدها، وأن رحمته سبحانه وسعت كل شيء، وهو سبحانه حين يبتلي عبده ببلاء فإنما يبتليه لحكمة، فلعل لك منزلة عند الله لا تبلغينها بصالح عمل فقدر عليك هذا البلاء لتصبري وتجاهدي نفسك فتنالي من أجر الصبر والمجاهدة ما لا يقادر قدره، كما قال تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب { الزمر:10}.

فلا تستسلمي لهذه الوساوس وتلك الأفكار الشيطانية فإنها من كيد الشيطان يريد بها أن يصدك عما ينفعك ويحول بينك وبين سعادتك، فإياك أن تمكنيه من نفسك أو تسمحي له ببذر بذور الشر فيها، فأما الوسواس في الصلاة أو غيرها فجاهديه واطرحيه عنك ولا تلتفتي إليه مهما كان، فكلما وسوس لك الشيطان بأنك لم تفعلي كذا أو لم تقولي كذا فأعرضي عن هذا كله وامضي في عبادتك غير مكترثة به، واعلمي أنه لا علاج لهذه الوساوس سوى هذا، وانظري لكيفية علاج الوسوسة للأهمية الفتويين رقم : 134196، ورقم : 51601.

وأما الخوف والقلق فعلاجه أن تتوكلي على ربك تعالى وتثقي بتدبيره وحسن صنعه واختياره وأن اختياره للعبد خير من اختيار العبد لنفسه وأنه لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له، فتعرفي على أسماء الرب وصفاته وتفكري فيها وثقي بسعة رحمته وعظيم فضله وجوده وبره، وأما دعاء أمك عليك فلن يؤثر ـ إن شاء الله ـ ولن يستجيبه الله تعالى بمنه وكرمه، فإن رحمته سبقت غضبه، وهو تعالى لا يضيع أجر المحسنين، فلا تظني به ظن السوء وتعتقدي أنك إن اجتهدت في طاعته وبذلت وسعك في مرضاته أنه يخيب سعيك ويحبط عملك حاشاه سبحانه، بل هو أكرم الأكرمين وأجود الأجودين، يقبل اليسير من العمل ويثيب عليه بجزيل الثواب، ويغفر الكثير من الزلل فلا يرتب عليه العقاب، وأما الدعاء فإنه من أنجح الوسائل التي يحصل بها للعبد المطلوب ويندفع عنه بها المرهوب، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم، فلا تقصري في الدعاء ولا تتواني فيه لأجل هذه الظنون الكاذبة، بل اجتهدي في دعاء ربك تعالى عالمة أن الخير كله بيديه وأنه لا يعجزه شيء سبحانه وبحمده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني