السؤال
أمتلك مقهى إنترنت، فما هو الحكم الشرعي للعمل فيها؟ مع العلم أنني أقدم خدمات متنوعة ماعدا خدمة الإنترنت كتصليح جهاز الكمبيوتر وإقامة بحوث علمية لتلاميذ المدارس وطلاب الجامعة كذلك وغيرها، ولكن مع مرور الزمن اكتشفت أن نسبة معتبرة من مستعملي خدمة الإنترنت ومعظمهم شباب يأتون لاستماع الأغاني والدخول لمواقع الدردشة، ولهذا قررت أن أغير هذا لنشاط آخر يرضي الله سبحانه وتعالى ـ إن شاء الله ـ والسؤال الوجيز هو: ما حكم التعامل مع المال الحلال المختلط مع المال الحرام إذا أمكن أن يكون الشرح مفصلا في ما يخص كيفية ومقدار المال الذي يجب التخلص منه، مع العلم أنني لم أستطع التفريق بين المقدار الحقيقي للمال الحرام والحلال وبارك الله فيكم، أنتظر الإجابة بفارغ الصبر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بتغييرك لمجال عملك إلى نشاط مباح لا شبهة فيه ولا إعانة على الحرام، فمقاهي الإنترنت لا تسلم غالبا مما ذكرت، لكن ما بيدك من مال مما كنت جنيته سابقا وأنت لا تعلم أن صاحبه يريد الدخول فيما لا يجوز لا يحرم عليك الانتفاع به لأن العقد جرى على الانتفاع بالخدمة، والأصل أن يكون ذلك فيما هو مباح ما لم يعلم غيره، وبالتالي فلا يحرم عليك الانتفاع بما لديك من مال مما كسبته من ذلك العمل، لكن إجراء البحوث للطلاب على الوجه المعروف وهو أن يسلم البحث للطالب جاهزا ليقدمه على أنه هو من قام بإنجازه لا يجوز لما في ذلك من الغش والتزوير إلا أن أهل العلم ذكروا أن من أقدم على معاملة وهو يجهل حرمتها ثم تاب منها فلا يحرم عليه الانتفاع بعوضها وبما كسبه منها، لقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ{ البقرة:275}. وانظر الفتوى رقم: 32762.
بخلاف من أقدم عليها وهو يعلم حرمتها فلا يباح له عوضها، ولو تيقنت أن في مالك حراما وتجهل مقداره فعليك أن تعمل بالاحتياط، فتعمد إلى ما تتيقن أنه نسبة الحرام في مالك فتصرفه في وجوه البر، والباقي يكون حلالا لك، يقول ابن القيم: إذا خالط ماله درهم حرام أو أكثر منه أخرج مقدار الحرام وحل له الباقي. اهـ.
وقال النووي في من ورث مالا مختلطا: فإن علم أن فيه حراما وشك في قدره أخرج قدر الحرام بالاجتهاد.هـ.
وبالتالي، فيمكن إخراج قدر الحرام بالاجتهاد عند عدم معرفة قدره يقينا.
والله أعلم.