السؤال
حدثت مشكلة بيني وبين زوجتي العام الماضي، وكانت نتيجتها أن أقسمت عليها بالطلاق ألا تبيت في البيت، ولظروف معينة باتت في البيت، علما بأني لم أكن أقسم بقصد الطلاق ولكن فقط للتهديد، وسألت وقتها وعلمت أن الطلاق قد وقع وأنه يمكنني أن أردها بأن أقول لها " رددتك إلى عصمتي " وهو ما حدث وقتها، وعادت الحياة بيننا، علما بأنني وقتها كنت قد أقسمت عليها بالطلاق 3 مرات، ولكني علمت وقتها أنها تحسب طلقة واحدة.
والآن حدثت مشكلة أخرى بيننا فكلمت والدها في التليفون وقلت له ابنتك طالق - ابنتك طالق ( كررتها مرتين ) وكانت هي في ذلك الوقت عند أهلها، والآن أريد أن أردها إلى عصمتي، علما بأنني لم أكن أقصد الطلاق ولكن كان ذلك من شدة الغضب وللتهديد فقط.
ماهو الموقف الآن وهل لي أن أردها إلى عصمتي وكيف؟ يرجى الإفادة وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أوَّلا إلى أن الحلف بالطلاق غير مشروع أصلا لكونه من أيمان الفساق كما سبق في الفتوى رقم: 58585.
وبخصوص ما تلفظت به من طلاق وارتجاع فتفصيل الحكم فيه كما يلي :
1ـ تعليق الطلاق ثلاث مرات على مبيت زوجتك في البيت ـ وقد باتت ـ لا يخلو من أحد أمرين :
ـ أن يكون بألفاظ متعددة، وهنا ينظر في نيتك فإن قصدت إنشاء الطلاق بالعبارة الأولى فقط وجعلت ما بعدها تأكيدا لزمتك طلقة واحدة، ولو كانت أيمانك في مجالس متعددة وأوقات مختلفة وحصل طول، وإن قصدت إنشاء الطلاق بالعبارات الثلاث لزمتك ثلاث طلقات، وإن لم تقصد تأكيدا ولا استئنافا لزمتك طلقة واحدة إذا كان حلفك في مجلس واحد، فإن كان في مجلسين لزمتك طلقتان، وإن كان في ثلاث مجالس لزمتك ثلاث طلقات. هذا ملخص مذهب الشافعية.
جاء في أسنى المطالب ممزوجا بروض الطالب لزكريا الأنصاري وهو شافعي: لو كرر يمين الإيلاء مرتين فأكثر وأراد بغير الأولى التأكيد لها ولو تعدد المجلس وطال الفصل صدق بيمينه كنظيره في تعليق الطلاق، وفرق بينهما وبين تنجيز الطلاق: بأن التنجيز إنشاء وإيقاع، والإيلاء والتعليق متعلقان بأمر مستقبل، فالتأكيد بهما أليق، أو أراد الاستئناف تعددت أي الأيمان، ولو أطلق بأن لم يرد تأكيدا ولا استئنافا فواحدة إن اتحد المجلس حملا على التأكيد، وإلا تعددت لبعد التأكيد مع اختلاف المجلس، ونظيرهما جار في تعليق الطلاق. انتهى.
ـ أن يكون تعليق الطلاق الثلاث بلفظ واحد، وفي هذه الحالة يكون الطلاق قد وقع ثلاثا عند الجمهور بمن فيهم المذاهب الأربعة، وهو القول الراجح. ولو كنت قد قصدت التهديد ولم تقصد طلاقا، وبذلك تحرم عليك زوجتك حتى تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا - نكاح رغبة لا نكاح تحليل - ثم يطلقها بعد الدخول.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية تلزمك كفارة يمين إذا كنت لا تقصد طلاقاً، كما ذكرتَ، وراجع في ذلك الفتوى رقم:97833. والفتوى رقم: 110560
2ـ في حال لزوم ثلاث طلقات فمعاشرتك لزوجتك بعدها محرمة، وارتجاعك لها غير صحيح لوقوعه بعد انقطاع العصمة فلم يصادف محلا، كما لا يلزمك شيء فيما ذكرته لأبيها من طلاق مرتين.
أما إن كان الطلاق قد وقع أقل من ثلاث فتصح رجعتك لزوجتك إن كانت قبل تمام عدتها وهنا ينظر في قولك لأبيها: [ ابنتك طالق ] مرتين. فإن كنت قصدت بالتكرار إيقاع طلقتين فقد وقعتا ، وإن كنت لم تقصد إلا إيقاع طلقة واحدة وإنما كررت اللفظ للتأكيد فلا يقع عليها إلا واحدة. وعدم قصد الطلاق هنا لا يمنع وقوعه لأنك تلفظت بلفظ صريح وصريحُ الطلاق يقع من غير قصد ولا يحتاج لنية، قال ابن قدامة في المغني: قد ذكرنا أن صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية، بل يقع من غير قصد ولا خلاف في ذلك. انتهى. وراجع الفتوى رقم : 47625.
وبناء على ما تقدم فإن كان الطلاق قد وقع ثلاثا فلا يجوز لك أن تراجع زوجتك، فهي لا تحل لك حتي تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول. وإن كان الطلاق أقل من ثلاث فلك مراجعتها قبل تمام عدتها، وما تحصل به الرجعة سبق بيانه في الفتوى رقم 30719
مع التنبيه على أن طلاق الغضبان لا يقع إن كان غضبه شديدا بحيث كان لا يعي ما يقول، أما إن كان يعي ما يقول فطلاقه نافذ.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35727.
والله أعلم.