السؤال
لي صديق طلق زوجته بالثلاث قال: أنت طالق بالثلاث. فهل تعتبر طلقة بالثلاث أم طلقة واحدة، مع العلم أنه قال إنه كان في حالة غضب ولم ينو ما قال، توضيح السبب: كان لهذه الزوجة ذهب ولما احتاجه زوجها باعه وحل به أزمته، وجاءه بعد مدة طويلة أخوه طالبا منه مبلغا ماليا كسلفة فأقرضه المبلغ، بعدها تدخلت الزوجة ورفضت هذا التصرف بحجة أن المال هو أصلا مالها من ذهبها الذي أخذه منها وطالبت بإرجاع ذهبها ويفعل مع أخيه ما يشاء، ومن هنا بدأ العراك فطلبت منه أن يعيد لها ذهبها فورا أو يطلقها وحينها ثارت ثائرته وقال لها أنت طالق بالثلاث. فماحكم الشرع؟ أفادكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تلفظ بطلاق زوجته بالصيغة الواردة في السؤال فقد حرمت عليه عند جمهور أهل العلم ـ بمن فيهم أصحاب المذاهب الأربعة المعروفة ـ إذا كان وقت التلفظ بالطلاق يعي ما يقول، ولا تحل له إلا بعد أن تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ثم يحصل دخول ثم يطلقها، أما إذا كان غضبه شديدا بحيث لم يكن يعي ما يقول وقت الطلاق فلا يلزمه شيء لأنه حينئذ في حكم المجنون، وبناء عليه فإن كان صديقك يعي ما يقول فقد حرمت عليه زوجته عند الجمهور ولا تحل له إلا بعد زوج وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: تلزمه طلقة واحدة. وعلى هذا القول فله مراجعتها قبل تمام عدتها إن لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث، وراجع في ذلك الفتويين: 5584، 35727.
وكان من الواجب على الزوج تقديم قضاء دين زوجته على إقراض أخيه ما دامت الزوجة قد طالبت بدينها وهو قادر على أدائه، لأن مطل الغني حرام كما ثبت في الحديث الصحيح.
وجاء في التمهيد لابن عبد البر المالكي: هذا يدل على أن المطل على الغني حرام لا يحل إذا مطل بما عليه من الديون وكان قادرا على توصيل الدين إلى صاحبه، وكان صاحبه طالبا له لأن الظلم حرام قليله وكثيره. انتهى.
مع التنبيه على أن الزوجة لا يجوز لها طلب الطلاق بدون عذر شرعي لثبوت النهي عن ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الشيخ الألباني.
والأسباب المبيحة لطلب الطلاق سبق بيانها في الفتوى رقم: 116133.
والله أعلم.