السؤال
لدي سؤال: وقع لي حادث مع شخص آخر حيث لم تحدد الجهة المختصة في نسبة الحادث لكن أتوقع بعد سؤال أكثر من شخص مختص أنني تقريبا أتحمل 30-50 بالمائة من الحادث لكن الطرف الآخر أعطاني مبلغ الإصلاح في الحال لعدم اكتمال أوراقه الرسمية ويلحقه ضرر كبير في منشأته لمخالفته، علما أنني أخبرته أن التأمين يصلح سيارتي حتى لوكان الخطأ علي 100 بالمائة، لكنه أصر على أن آخذ المبلغ دون انتظار المرور لأخذ الأوراق الرسمية، فهل يلحقني شيء في أخذي هذا المبلغ؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الطرف المخطئ منكما غير معلوم لكن صاحبك أقر بالخطإ على نفسه لما يعلم من حاله أنه هو المخطئ أو ليتفادى التحقيق المروري وأنت لا تجزم بكونك مخطئا وقد تراضيتما على مبلغ يدفعه إليك فلا حرج عليك في أخذه والانتفاع به وانظر الفتوى رقم: 6616.
واحتمال كونه إنما اختار الصلح والإقرار على نفسه لتفادي التحقيق شبيه بما نص عليه أهل العلم من جواز الصلح والإبراء عن الدعوى افتداء لليمين وقطعا للخصومة وصيانة للنفس عن التبذل والمخاصمات فجاز دفع المال للإبراء من ذلك كما في المغني لابن قدامة، لكن لو كذب أحد المتصالحين في الصلح عن الإنكار, كأن يكذب المدعي, فيدعي شيئا يعلم أنه ليس له, أو يكذب المنكر في إنكاره ما ادعي به عليه, وهو يعلم أنه عليه, ويعلم بكذب نفسه في إنكاره، إذا حصل شيء من هذا الكذب من جانب المدعي أو المنكر فالصلح باطل في حق الكاذب منهما باطنا، لأنه عالم بالحق قادر على إيصاله لمستحقه وغير معتقد أنه محق في تصرفه, فما أخذه بموجب هذا الصلح حرام عليه، لأنه أخذه ظلما وعدوانا, لا عوضا عن حق يعلمه, وقد قال الله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء:29}.
وإن كان هذا الصلح فيما يظهر للناس صحيحا , لأنهم لا يعلمون باطن الحال, لكن ذلك لا يغير من الحقيقة شيئا عند من لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء, فعلى المسلم أن يبتعد عن مثل هذا التصرف السيئ والاحتيال الباطل، لكنك ذكرت أنك لا تعلم كونك المخطئ والرجل لا يريد التحقيق ويرضى بتحمل الخطإ ولا سبيل إلى معرفة المخطئ دون التحقيق أو الرضا بالصلح المذكور وبالتالي، فلا حرج عليك في قبول الصلح والانتفاع بما بذله الطرف الثاني.
والله أعلم.