السؤال
ما حكم من طلق زوجتة أكثر من مرة طلاقا صحيحا، بمعنى أن قال: يا فلانة أنت طالق 3 مرات، وأيضا قال لها: أنت محرمة علي كأمي وأختي منذ 11 عاما، وأنكر ما قال ولم يفعل الكفارة، ثم بعد 11 عاما تذكر واعترف أنه قال وعمل الكفارة. هل تعبتر 11 عاما حياة حراما؟ ورغم أنه طلق لم يعط مطلقته ورقة طلاق، وذلك أيضا لأنه أنكر أنه طلق رغم تأكدها ويقينها بذلك لأنه قال ذلك فى وجهها؟ كل ذلك حدث من 3 سنين ومازلت معلقة بلا ورقة طلاق. هل لو رفعت قضية خلع يكون حراما لأني لا أستطبع العيش معه أبدا لتأكدي الشديد أنه لا يجوز لي أبدا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت أن زوجك قد تلفظ بعبارة: [ أنت طالق ] ثلاث مرات. وهذا يحتمل عدة أمور :
1ـ أن يكون قد كرر[ أنت طالق ] ثلاث مرات متابعة بأن قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. وهنا يرجع لنية زوجك فإن قصد التأكيد بمعنى إنشاء الطلاق بالعبارة الأولى فقط وجعل ما بعدها تأكيداً لزمته طلقة واحدة، وإن قصد إنشاء الطلاق بالعبارات الثلاث أو لم يقصد شيئاً لزمته ثلاث طلقات عند جمهور أهل العلم خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه القائلين بوقوع طلقة واحدة، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم : 129646.
2ـ أن تكون الصيغة أنت طالق ثلاثا [ بلفظ واحد ] وفي هذه الحالة يقع الطلاق ثلاثا عند الجمهور بمن فيهم المذاهب الأربعة وهو القول الراجح، وبذلك تحرمين على زوجك حتي تنكحي زوجا غيره ثم يطلقك بعد الدخول، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بلزوم طلقة واحدة، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 5584 .
3ـ أن يكون زوجك قد تلفظ بقوله: أنت طالق ثلاث مرات في أوقات متفرقة بألفاظ متعددة، فإن كانت الطلقة الثانية والثالثة قد وقعتا أثناء العدة أو بعد الرجعة -ولو بجماع أو مقدماته عند بعض أهل العلم- فقد وقع الطلاق ثلاثا، أما إن وقعتا أو إحداهما بعد تمام العدة من غير ارتجاع فإنه لا يقع ما وقع منها في ذلك لانقطاع العصمة حينئذ فلم يصادف محلا. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 154665.
والطلاق الثلاث المفرق إن كان في حيض، أو نفاس، أو تعدد في طهر، أو وقع في طهر حصل فيه جماع، أو قبل رجعة، أو تجديد عقد قد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية عدم وقوعه، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 129665.
وبخصوص قوله:[ أنت محرمة على كأمي وأختي ] فإن كنت حينئذ في عصمته أو أثناء العدة من طلاق رجعي فقد لزمته كفارة ظهار لأن التشبيه بالأم والأخت في التحريم يجعل اللفظ منصرفاً للظهار من غير احتياج لنية، وهذا هو الأقرب وهو مذهب لحنابلة كما سبق في الفتوى رقم 105241
وبناء على ما سبق فإن كنت قد تحققت من وقوع الطلاق الثلاث بناء على التفصيل المتقدم فقد حرمت على زوجك ولا تحلين له إلا بعد زوج، والمعاشرة بينكما محرمة في جميع الفترة الزمنية التي مضت بعد تحققك من وقوع الطلاق الثلاث.
ولا يجوز لك تمكينه من نفسك طائعة ويتعين الافتداء منه بما تستطيعين.
جاء في المغني لابن قدامة: فإذا طلق ثلاثا وسمعت ذلك وأنكر أو ثبت ذلك عندها بقول عدلين لم يحل لها تمكينه من نفسها وعليها أن تفر منه ما استطاعت وتمتنع منه إذا أرادها وتفتدي منه إن قدرت، قال أحمد: لا يسعها أن تقيم معه وقال أيضا: تفتدي منه بما تقدر عليه, فإن أجبرت على ذلك فلا تزين له ولا تقربه وتهرب إن قدرت، وإن شهد عندها عدلان غير متهمين فلا تقيم معه، وهذا قول أكثر أهل العلم، إلى أن قال: لأن هذه تعلم أنها أجنبية منه محرمة عليه فوجب عليها الامتناع والفرار منه كسائر الأجنبيات. انتهى.
والعبرة في الطلاق الشرعي هي بصدوره من الزوج، لا بتوثيقه عند المحكمة، فالطلاق واقع بدون صدور وثيقة الطلاق، والأولى استصدار وثيقة به قطعا للنزاع. ثم إنه يتعين رفع هذا الأمر لمحكمة شرعية أو مشافهة أهل العلم به للنظر في تفاصيل المسالة والوقوف على حيثياتها.
والله أعلم.