السؤال
عمري 29 سنة، ولي علاقات كثيرة مع النساء حتى أني لا أذكرها جميعها، وأشرب الخمر وأتعاطى الحشيش مما قادني لعلاقات عابرة مع بعض من الشباب الشاذ، وكنت قد أخذت قرضا بفائدة من المصرف، لكني دائما كنت أندم وأقرر عدم العودة لهذه الأفعال وأهم بالصلاة وقراءة القرآن ومن ثم أعود فأقع بنفس المعاصي، والسبب دائما هو أني سريع الغضب .
الحمد لله أنا الآن لا أتعاطى الحشيش ولا الفاحشة من أكثر من سنة، لكني نادرا أشرب الخمر .
أفدني جزاك الله خيرا ماذا أفعل حتى لا أكون ممن ختم الله على قلوبهم أو من بقلوبهم مرض، فبعد تركي للنساء دائما تراودني نفسي للعودة وكيف أكفر عن القرض الذي قمت بأخذه من المصرف؟
وأنا آسف على الإطالة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أسرفت على نفسك أيها الأخ الكريم إسرافا عظيما، وعرضتها لسخط الله تعالى ومقته بما اقترفته من هذه الكبائر الموبقة والذنوب المهلكة من ارتكاب الفاحشة وتعاطي الخمر وأكل الربا وغير ذلك، والواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا من جميع هذه الذنوب، واعلم -هداك الله- أنه رغم عظم ما اقترفته من الذنوب فإن باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجه أحد، وأنه مهما عظم ذنبك فإن عفو الله تعالى أعظم، فبادر بتوبة صادقة تمحو بها عن نفسك درن هذه المعاصي، وأقلع من فورك عما أنت مقيم عليه من هذه الذنوب، واعزم عزما أكيدا على عدم العودة إلى شيء منها، واندم على تفريطك وتقصيرك في جنب الله تعالى، ومما يعينك على الاستمرار في التوبة وعدم الاستجابة لداعي نفسك الأمارة بالسوء كلما دعتك إلى معاودة الذنب أن تستحضر صفات جلال الرب تبارك وتعالى وأنه شديد العقاب وأنه إذا غضب لم يقم لغضبه شيء، وأن التعرض لمقته وسخطه تعالى موجب لخسارة الدنيا والآخرة فتخشى بطشه بك ومعاقبته إياك، وأن تستحضر كذلك الموقف بين يديه تعالى غدا وأنه سائلك عن القليل والكثير وأن الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وأن تتفكر في الموت وما بعده وأن الحياة الحقيقية للعبد والتي ينال فيها اللذة الخالصة إنما هي في الآخرة إن هو أحسن في هذه الدار واتقى ربه تعالى، وأن تعلم أن المعصية وإن كانت مستلذة المبدأ لكنها مرة العاقبة فهي كطعام حلو لكنه قد وضع فيه سم، فالعاقل لا يقدم على تعاطيه وإن كان يعلم حلاوة مذاقه لعلمه بما وضع فيه من السم وأنه يورث العطب والهلاك الذي لا صلاح معه، وأكثر من فعل الحسنات فإنهن يذهبن السيئات، وأقبل على ربك واجتهد في دعائه فإن القلوب بين إصبعين من أصابعه تعالى يقلبها كيف يشاء، والزم رفقة الخير والصحبة الصالحة فإنها من أعون شيء على الثبات على الاستقامة، وأما هذا القرض الربوي فإن أمكنك أن تبادر بسداد ما عليك منه تقليلا للربا المدفوع فإن ذلك من كمال توبتك، وإن لم يمكنك ذلك أو كنت قد انتهيت من تسديد القرض فعليك أن تكثر من التوبة والاستغفار وينبغي أن تكثر من فعل الحسنات الماحية فإن ذلك كاف بإذن الله في إزالة أثر الذنب، نسأل الله أن يرزقنا وإياك توبة نصوحا.
والله أعلم.