السؤال
أرجو أن تفتوني في نفسي أنا إنسانة تارة قمة في الدين، ومرة ولا ذرة دين. أريد أن أفعل من الذنوب أشياء كثيرة وأولها أدمن على سماع الأغاني، إني أعاني من نفسي الكثير وفجأة يأتي ذلك الإيمان الذي أتمنى أن أموت وأنا عليه. ماذا أفعل أحس أني لست أنا، أحيانا والله لما ألتزم من يراني يقول مستحيل هذه البنت تغلط، ولكني لا أستمر شهرا كاملا إلا وتنقلب، القرآن والله أصل إلى الجزء الثالث، وأترك الصلاة، أصلي كل فرض من أول ما أسمع المؤذن ولكنها فترة وأرجع لا أصلي وأهجر القرآن، والله بنت أحيانا تبكي تقول يله ياماما نصلي أطنشها. المشكلة أن مدة الهداية قصيرة جدا لاتتجاوز أسبوع ومدة الغواية تستمر لأكثر من شهرين، والأمر من ذلك أنني مستحيل أصلي أمام أهلي أحس أنهم يعلقون علي لو رأوني أصلي بالتصفيق والتصفير والتشجيع، تكفون أحس أني لست أنا التي تتصرف هذه التصرفات. أتمنى أن أكون على الصراط المستقيم ولكن لا أستطيع. أفتوني في ذلك.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أيتها السائلة أنك على خطر عظيم، إذ أن ترك الصلاة كبيرة من أكبر الذنوب وتستوجب التوبة إلى الله تعالى، ولو مت على ترك الصلاة لكان القرار في دار البوار إلا أن يشاء العزيز الغفار، فاتقي الله تعالى. والعبد وإن كان يتقلب بين زيادة الإيمان وبين نقصانه إلا أنه إذا وصل إلى درجة ترك الواجبات وفعل المحرمات فهو على وشك الهلاك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ وَمَنْ كَانَتْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ. رواه أحمد و ابن خزيمة. والمعنى أن لكل عبادة نشاطا وهمة ثم يعقبها فتور وكسل، فمن كان في حال فتوره على السنة يؤدي الفرائض ويبتعد عن المحرمات فقد أفلح , ومن تعدى فترك الواجبات وفعل المحرمات فقد هلك.
قال ابن القيم رحمه الله: تخلل الفترات للسالكين أمر لا بد منه، فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد، ولم تخرجه من فرض، ولم تدخله في محرم رجي له أن يعود خيرا مما كان.
وقال علي رضي الله عنه: إن النفس لها إقبال وإدبار، فإذا أقبلت فخذها بالعزيمة والعبادة، وإذا أدبرت فأقصرها على الفرائض والواجبات .
واعلمي أن الكسل والفتور الذي أوصلك إلى تلك الحال لا بد أنه ناتج عن المعاصي ومنها سماع الأغاني, فالذنوب سبب كل بلاء, وسماع المعازف على وجه الخصوص لها تأثير كبير في إفساد القلب وغفلته وقسوته كما بيناه في الفتوى رقم: 23705 ، فإذا أردت النجاة بنفسك من سخط الله وعقابه فابتعدي عن سماع الغناء وسائر المعاصي واجتهدي في الطاعات لا سيما الصلوات الخمس التي هي عمود الدين، وأكثري من قراءة القرآن بتدبر وخشوع، وألحي على الله في الدعاء بأن يهديك إلى طريق مرضاته وتحري مواطن الإجابة وأوقاتها كالدعاء في السجود وفي الثلث الأخير، وبين الأذان والإقامة وعند نزول المطر , واحرصي على مرافقة الصالحات فإنهن خير عون لك على الاستمرار في طريق الطاعة والبعد عن طريق الغواية، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِطُ . رواه أحمد - واللفظ له - و أبو داود و الترمذي, وما تخشينه من تصرفات أهلك لو صليت أمامهم ليس مبررا لترك الصلاة قال تعالى : " فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ " التوبة : 13 , فاتقي الله وبادري قبل فوات الأوان, وانظري للأهمية الفتوى رقم: 17666 عن عوامل الفتور عن الالتزام بالدين وسبيل الإصلاح والعودة , وكذا الفتوى رقم: 15219، والفتوى رقم: 1208، والفتوى رقم: 10943، والفتوى رقم: 1891, وكلها عن علاج الفتور , وأخيرا الفتوى رقم: 127746عن حكم قضاء الصلاة لمن تركها جحودا وإنكارا أو كسلا , ونسأل الله أن يأخذ بيديك للبر والتقوى .
والله أعلم.