السؤال
هل غسل اليد ثلاث مرات عند الوضوء بعد الاستيقاظ من النوم واجب؟ وإذا كان الشخص قد استيقظ من النوم قبل دخول وقت الصلاة بوقت وغسل يده ولكن ليس للوضوء ثم دخل وقت الصلاة، فهل يجب أن يغسل يده ثلاث مرات؟ وماهو الواجب عند الوضوء بعد الاستيقاظ من النوم مباشرة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن غسل اليدين للكوعين ثلاثا سنة عند البدء بالوضوء، وغسلهما من رءوس الأصابع إلى المرفقين مرة، فرض من فرائض الوضوء المتفق عليها، وتستحب الغسلة الثانية والثالثة، هذا في حق كل متوضئ، وانظري الفتوى رقم: 126307.
أما ما يختص بالنوم: فإذا انتبه النائم وأراد الوضوء فيسن له غسل يديه ثلاثا، ويكره أن يغمسهما في الإناء قبل ذلك خشية أن تكون قد أصابتهما نجاسة أثناء النوم وهو لا يشعر، بدليل ما في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده.
لكن النهي عن غمس اليدين في الإناء قبل غسلهما ثلاثا محمول على الكراهة والتنزيه وليس على التحريم عند الجمهور، ولذلك اعتبروا غسلهما بعد النوم مستحبا وليس واجبا، ويرى الحنابلة أن غسلهما واجب في نوم الليل، قال النووي في شرح صحيح مسلم عند شرح الحديث المتقدم: باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الاناء قبل غسلها ثلاثا، ثم قال بعد ذكر ما يستفاد من الحديث: هذه فوائد من الحديث غير الفائدة المقصودة هنا وهي النهي عن غمس اليد في الإناء قبل غسلها وهذا مجمع عليه، لكن الجماهير من العلماء المتقدمين والمتأخرين على أنه نهي تنزيه لا تحريم، فلو خالف وغمس لم يفسد الماء ولم يأثم الغامس. انتهى.
وقال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في المغني: غسل اليدين في أول الوضوء مسنون في الجملة، سواء قام من النوم أو لم يقم. ثم قال: وليس ذلك بواجب عند غير القيام من النوم، بغير خلاف نعلمه، فأما عند القيام من نوم الليل، فاختلفت الرواية في وجوبه فروي عن أحمد وجوبه، وهو الظاهر عنه، واختيار أبي بكر، وهو مذهب ابن عمر وأبي هريرة والحسن البصري، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ منَامِهِ فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ في الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاَثًا، فَإِنَّ أحَدُكُمْ لاَ يَدْرِي أيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ، وفي لفظ مسلم: فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتّى يَغْسِلَهَا ثَلاَثا، وأمره يقتضي الوجوب، ونهيه يقتضي التحريم، وروي أن ذلك مستحب وليس بواجب، وبه قال عطاء ومالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر، لأن الله تعالى قال: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ { المائدة: 6} الآية. انتهى.
ومن هذا تعلم السائلة أن غسل اليدين عند البدء بالوضوء سنة عند الجمهور، سواء في ذلك من قام من النوم وغيره، واجب عند الحنابلة عند القيام من نوم الليل خاصة، وإذا انتبهت من النوم ثم غسلت يديها لغير الوضوء، ثم أرادت الوضوء بعد ذلك استحب لها غسل يديها، سنة الوضوء عند الجميع، ولو كان انتباهها من نوم الليل، لأنها سبق أن غسلت يديها بعده.
والله أعلم.