الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج في أن يُهدِي الشخص ما أُهدِي إليه

السؤال

هل الهدية مثاب عليها في الإسلام؟ بمعنى إذا أهدى شخص آخر هدية هل يأخذ عليها ثوابا؟ وإذا أهدى شخص هدية أهديت له من شخص آخر وكانت هذه الهدية عزيزة جداً على من أهداها، وبالرغم من ذلك أعطاها هدية لشخص آخر ثم حزن كثيراً على هذه الهدية لأنه أعطاها لمن لا يستحق؟ أفيدونا مأجورين وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالهدية بين الإخوان مما رغب فيه الشارع وندب إليه.

قال ابن قدامة في المغني: من أعطى شيئا ينوي به إلى الله تعالى للمحتاج, فهو صدقة. ومن دفع إلى إنسان شيئا للتقرب إليه, والمحبة له, فهو هدية . وجميع ذلك مندوب إليه, ومحثوث عليه ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تهادوا تحابوا . انتهى .
فمن قصد بالهدية مساعدة المحتاج لوجه الله أثيب على ذلك، ولو كان ذا رحم فهي صدقة وصلة، ولو لم يكن غير محتاج فهي هدية يثاب فاعلها امتثالا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.

قال ابن عبد البر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية وندب أمته إليها وفيه الأسوة الحسنة به صلى الله عليه وسلم، ومن فضل الهدية مع اتباع السنة أنها تورث المودة وتذهب العداوة . اهـ.

ولافرق بين كون الهدية وصلت إلى مهديها هدية من غيره أوكونه اشتراها أونحو ذلك، فالهدية إذا أهديت للشخص وتم قبولها جاز له التصرف فيها تصرف المالك في ملكه بالصدقة والهدية والبيع، وقد كانت الهدايا تأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيقبلها ويحتفظ بما شاء منها ويهدي ما شاء، ففي الصحيحين وغيرهما: أن عمر رضي الله عنه رأى على رجل من آل عطارد قباء من ديباج أو حرير، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو اشتريته ؟ فقال: إنما يلبس هذا من لا خلاق له، فأهدي إلى رسول الله حلة سيراء من حرير كما في بعض الروايات فأرسل بها إلي، قال قلت: أرسلت بها إلي وقد سمعتك قلت فيها ما قلت، قال إنما بعثت بها إليك لتستمتع بها، وفي رواية: إني لم أهدها لك لتلبسها إنما أهديتها لك لتبيعها أو لتكسوها، فأهداها عمر لأخ له من أمه مشرك. وهذا دليل صريح على أنه لا مانع شرعا من بيع الهدية أو إهدائها للغير .

وأما الندم على الهدية ونحوها فلا ينبغي، ولذلك فإنه لا يستحسن للمرء أن يعطي ما هو عزيز على نفسه كماله كله أوما يعز عليه منه إلا إذا كان على درجة عالية من الرضى والصبر والقناعة.

ففي شرح النووي لصحيح مسلم بعد ذكره لحديث توبة الله تعالى على كعب بن مالك الذي أراد الصدقة بماله كله، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى إبقاء بعضه.

قال النووي: وإنما أمره صلى الله عليه وسلم بالاقتصار على الصدقة ببعضه خوفاً من تضرره بالفقر، وخوفا أن لا يصبر على الإضاقة، ولا يخالف هذا صدقة أبي بكر رضي الله عنه بجميع ماله فإنه كان صابراً راضياً. انتهى.
لكن الندم لا يبطل أجره إن كان قدم ما قدم بنية الأجر والثواب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني