السؤال
عندما أجدد الماء لفريضة مسح الرأس في الوضوء تلمس يدي أحيانا جزءا من وجهي. فهل أمسح أو أعيد تجديد الماء؟ أضف إلى ذلك أنني لا أعمم المسح من المرة الأولى فأقوم بتجديد الماء من جديد ومسح الجزء الذي لم أمسحه فقط، مع العلم أنه عند رد المسح أعمم ذلك الجزء لكن لأن رد المسح سنة أخاف ألا يكون ذلك كافياً لوقوع المسح صحيحا. وأخيراً هل منتهى الرأس عند نقرة القفا التي تلتحم عندها عظام الجمجمة بالرقبة أو أن الشعر الذي ينمو على الرقبة يدخل في مسمى الرأس ويجب مسحه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فاعلم أن السنة في مسح الرأس أن تمسح مرة واحدة تقبل بيديك وتدبر ولا يستحب عند الجمهور تكرار مسحه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَمَسْحُ الرَّأْسِ مَرَّةً مَرَّةً يَكْفِي بِالِاتِّفَاقِ ..... وَتَنَازَعُوا فِي مَسْحِهِ ثَلَاثًا : هَلْ يُسْتَحَبُّ ؟ فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ كَمَالِكِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ : يُسْتَحَبُّ ؛ .... وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُبَيِّنُ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً ... وَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ أَنَّهُ يَمْسَحُ بَعْضَ رَأْسِهِ بَلْ بَعْضَ شَعْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ : خَطَأٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ : مِنْ جِهَةِ مَسْحِهِ بَعْضَ رَأْسِهِ فَإِنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ . وَمِنْ جِهَةِ تَكْرَارِهِ فَإِنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَمَنْ يَسْتَحِبُّ التَّكْرَارَ - كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي قَوْلٍ - لَا يَقُولُونَ امْسَحْ الْبَعْضَ وَكَرِّرْهُ بَلْ يَقُولُونَ : امْسَحْ الْجَمِيعَ وَكَرِّرْ الْمَسْحَ. اهــ .
وقد ذكر الفقهاء الطريقة المستحبة للمسح.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: كَيْفَمَا مَسَحَهُ أَجْزَأَ .... وَصِفَةُ الْمَسْحِ : أَنْ يَضَعَ أَحَدَ طَرَفَيْ سَبَّابَتَيْهِ عَلَى طَرَفِ الْأُخْرَى وَيَضَعَهُمَا عَلَى مُقَدِّمِ رَأْسِهِ وَيَضَعَ الْإِبْهَامَيْنِ عَلَى الصُّدْغَيْنِ ثُمَّ يُمِرَّهُمَا إلَى قَفَاهُ ثُمَّ يَرُدَّهُمَا إلَى مُقَدِّمِهِ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ . وحد الرأس الذي يمسح " مِنْ مَنَابِتَ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا إلَى القَفًا وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْعُنُقِ "
وجاء في حاشية الصاوي: الرَّأْسِ مِنْ مَنَابِتِ الشَّعْرِ الْمُعْتَادِ مِنْ الْمُقَدَّمِ إلَى نُقْرَةِ الْقَفَا مَعَ مَسْحِ شَعْرِ صُدْغَيْهِ مِمَّا فَوْقَ الْعَظْمِ النَّاتِئِ فِي الْوَجْهِ وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَمْسَحُ بَلْ يَغْسِلُ فِي الْوَجْهِ . اهــ
ولا يجب مسح الشعر النازل على الرقبة في قول جمهور أهل العلم , وذهب المالكية إلى وجوب مسحه.
جاء في الموسوعة الفقهية: قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ : لاَ يَجِبُ مَسْحُ مَا نَزَل عَنِ الرَّأْسِ مِنَ الشَّعْرِ لِعَدَمِ مُشَارَكَتِهِ الرَّأْسَ فِي التَّرَؤُّسِ .... وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ : يَجِبُ مَسْحُ مَا اسْتَرْخَى مِنَ الشَّعْرِ وَلَوْ طَال جِدًّا ؛ لأِنَّهُ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ وَيَجِبُ عِنْدَهُمْ - فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ - مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ. اهــ .
وعلى هذا فإذا مسحت رأسك فاستوعب مسحه من المرة الأولى من غير تجديد للماء ومن غير تكرار للمسح، ولا يضر لو لمست يدك شيئا من جبهتك، ولا تفتح على نفسك باب الوسوسة، ولو فرض أنك تيقنت من عدم استيعاب مسح الرأس في المرة الأولى فامسح ما تركته، لأن استيعاب الرأس في المسح هو السنة، وبعض الفقهاء يوجبه، وإن كنت تعاني من الوسوسة في المسح فلا حرج في الأخذ بقول من يقول بجواز مسح بعض الرأس دون جميعه دفعا للوسوسة .
والله تعالى أعلم.