السؤال
قطعت المياه في المنزل وتيممت ثم ذهبت إلى عملي ووجدت المياه بالعمل، فهل يحق لي المسح على الخف عند الوضوء على أساس التيمم؟ أم لا بد من الوضوء وغسل الرجلين ولا يحق لي المسح؟.
قطعت المياه في المنزل وتيممت ثم ذهبت إلى عملي ووجدت المياه بالعمل، فهل يحق لي المسح على الخف عند الوضوء على أساس التيمم؟ أم لا بد من الوضوء وغسل الرجلين ولا يحق لي المسح؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن مجرد انقطاع المياه في بيتك ليس عذرا يبيح التيمم إن كنت تقدر على تحصيله ولو بالشراء من مكان آخر ـ كما هو الظاهر ـ فإن الماء لا يكاد يعدم في الحضر، فإن كنت تيممت مع القدرة على تحصيل الماء فتيممك غير صحيح ويلزمك إعادة تلك الصلاة بالوضوء، وأما على تقدير كون التيمم جائزا لك فاعلم أن جمهور العلماء على أنه لا يجوز المسح على الخفين لمن تطهر بالتيمم، قال الحافظ في الفتح: وَلَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ لَبِسَهُمَا لَمْ يُبَحْ لَهُ عِنْدَهُمْ ـ يعني الجمهور ـ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ لَا رَافِعٌ وَخَالَفَهُمْ أَصْبَغُ. انتهى.
وبقول أصبغ هذا قال ابن حزم وعبارته: فَلَوْ كَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً فَتَيَمَّمَ ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْهِ، فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ تَامَّةٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ ذَكَرَ التَّيَمُّمَ: وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ {المائدة: 6} وَمَنْ جَازَتْ لَهُ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ فَهُوَ طَاهِرٌ بِلَا شَكٍّ، وَإِذَا كَانَ طَاهِرًا كُلَّهُ فَقَدَمَاهُ طَاهِرَتَانِ بِلَا شَكٍّ، فَقَدْ أَدْخَلَ خُفَّيْهِ الْقَدَمَيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ، فَجَائِزٌ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا الْأَمَدَ الْمَذْكُورَ لِلْمُسَافِرِ. انتهى.
ولعل قول الجمهور أرجح ـ إن شاء الله ـ قال ابن قدامة ـ رحمه الله: فَإِنْ تَيَمَّمَ، ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمَسْحُ، لِأَنَّهُ لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ غَيْرِ كَامِلَةٍ، وَلِأَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ، بَطَلَتْ مِنْ أَصْلِهَا، فَصَارَ كَاللَّابِسِ لَهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، فَقَدْ لَبِسَهُ وَهُوَ محدث. انتهى.
وقد يشهد له ما روي عَنْ عُمَرَ ـ مَوْقُوفًا ـ وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا, وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا وَلَا يَخْلَعْهُمَا إِنْ شَاءَ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ, وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني