السؤال
أخي الكريم: هل يجوز تفسير الرؤى عند مفسر بدعي قوي بالتفسير ولا يدخل بدعا ولا شركيات، علماً بأن صاحب الرؤيا ملم بحيلهم وشركهم ولا ينخدع بهم ويستطيع التميز بين التفسير والسم في العسل؟.
أخي الكريم: هل يجوز تفسير الرؤى عند مفسر بدعي قوي بالتفسير ولا يدخل بدعا ولا شركيات، علماً بأن صاحب الرؤيا ملم بحيلهم وشركهم ولا ينخدع بهم ويستطيع التميز بين التفسير والسم في العسل؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم أن علم تعبير الرؤى علم شريف، لا ينبغي أن يتصدى له إلا من كان ذا معرفة ودراية، لأنه من قبيل الفتوى، ولا يؤخذ هذا العلم ويستفتى فيه كل أحد، كما لا تتلقى الفتوى إلا من عالم بها عدل مأمون، قال الشيخ ابن سعدي ـ رحمه الله: علم التعبير داخل في الفتوى، فلا يحل لأحد أن يجزم بالتعبير قبل أن يعرف ذلك، كما ليس له أن يفتي في الأحكام بغير علم. انتهى.
وكلما كان الرائي أكثر صلاحا وتقوى وقربا من الله تعالى كانت رؤياه أصدق، وكلما كان المعبر بهذه الحال كان تعبيره أصوب، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في زاد المعاد: علم عبارة الرؤيا حق لا باطل، لأن الرؤيا مُسْتَنِدَةٌ إِلَى الْوَحْيِ الْمَنَامِيِّ، وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ، وَلِهَذَا كُلَّمَا كَانَ الرَّائِي أَصْدَقَ كَانَتْ رُؤْيَاهُ أَصْدَقَ، وَكُلَّمَا كَانَ الْمُعَبِّرُ أَصْدَقَ، وَأَبَرَّ وَأَعْلَمَ كَانَ تَعْبِيرُهُ أَصَحَّ؛ بِخِلَافِ الْكَاهِنِ وَالْمُنَجِّمِ وَأَضْرَابِهِمَا مِمَّنْ لَهُمْ مَدَدٌ مِنْ إِخْوَانِهِمْ مِنَ الشَّيَاطِينِ، فَإِنَّ صِنَاعَتَهُمْ لَا تَصِحُّ مِنْ صَادِقٍ وَلَا بَارٍّ، وَلَا مُتَقَيِّدٍ بِالشَّرِيعَةِ، بَلْ هُمْ أَشْبَهُ بِالسَّحَرَةِ الَّذِينَ كُلَّمَا كَانَ أَحَدُهُمْ أَكْذَبَ وَأَفْجَرَ، وَأَبْعَدَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَدِينِهِ، كَانَ السِّحْرُ مَعَهُ أَقْوَى وَأَشَدَّ تَأْثِيرًا، بِخِلَافِ عِلْمِ الشَّرْعِ وَالْحَقِّ، فَإِنَّ صَاحِبَهُ كُلَّمَا كَانَ أَبَرَّ وَأَصْدَقَ وَأَدْيَنَ كَانَ عِلْمُهُ بِهِ وَنُفُوذُهُ فِيهِ أَقْوَى. انتهى.
وبه تعلم أنه لا ينبغي أن يستفتى في أمر الرؤى إلا عدل صحيح الديانة، وأما أهل البدع فخطؤهم في هذا الباب أقرب من صوابهم.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني