السؤال
نعيش مع أبي و أمي، وهناك مشاكل بين أمي و أبي، وكان السبب المال و جدتي و عمتي، و استمر الحال حتي كبرنا مما أدي إلى تقسيم العائلة إلي ثلاثة أقسام: أبي و أمي و اثنين من إخوتي و باقي أنا مما أدي إلى كره بعضنا بعضا ووقعنا في العقوق. هل يقبل الله توبتنا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ. {الأنفال:28}، وعلمنا بذلك يقتضي الحذر من فتنتها وما تؤدي إليه من التدابر والتقاطع والشحناء وخاصة إذا كان ذلك بين الأقارب وذوي الرحم، وأشد منه أن تقع فتنة المال بين الابن وأبيه . لكن باب التوبة مفتوح قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53}.
فحق الوالدين عظيم وصى الله به بعد حقه فقال: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا {النساء:36}، وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23- 24}. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من عقوق الوالدين أشد تحذير حيث قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً ، قلنا: بلى يا رسول الله ، قال: " الإشراك بالله، وعقوق الوالدين" وكان متكئاً فجلس فقال: "ألا وقول الزور وشهادة الزور" فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت . والحديث متفق عليه.
ولكن باب التوبة مفتوح مهما بلغت ذنوب العبد، فبادروا إلى التوبة ببر والديكم والإحسان إليهما حتى يسامحوكم ويغفروا لكم زلتكم، واثبتوا على ذلك السبيل فبر الوالدين من أعظم ما يتقرب به إلى الله وعقوقهما من أعظم المنكرات التي توجب سخط المولى ودخول النار والعياذ بالله.
والله أعلم.