السؤال
أود أن أسأل عن شهور العدة: بنت أخي تزوجت من شخص منزوع الضمير والنخوة تزوجت منه وبعد ثلاثة أشهر فقط بالضغط من أبيه وأمه عليه تم طلاقها منه، لكن بالقول قال لها أنت طالق بالثلاثه وتوجهت بنت أخي إلى منزل أبيها منهارة لا تأكل ولا تشرب ولا تنام بسب أنها لا تعلم لماذا كل هذا وما هو السبب وظلت على هذا الحال خمسة أشهر، وبعد ذلك بعد تدخل الأقارب في هذا الموضوع بإجرءات الطلاق منه لكي تأخذ ما لديها في منزله بدون محاكم بطريقة ودية منذ أيام قليلة تم الطلاق الفعلي على الورق بعد خمسة أشهر فهل تكون شهور العدة بعد الطلاق الفعلي على الورق؟ أم تكون التي قالها بلسانه منذ أن خرجت من بيته في نفس اليوم الذي قال لها أنت طالق بالثلاثة منذ خمسة أشهر مضت؟ وعلى هذا أود أن أعرف متى تبدأ شهور العدة بالنسبة لها؟ أتمنى منكم الرد وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجابة على هذا السؤال تقتضي التنبيه على ما يلي:
1ـ ما كان ينبغي للزوج أن يطلق زوجته لمجرد رغبة أبويه من غير عذر كنقص في دينها أو نحوه، وسبق بيان شيء من ذلك في الفتوى رقم: 3651.
2ـ عبارة: أنت طالق بالثلاثة ـ طلاق صريح تترتب عليه البينونة الكبرى، فقد حرمت بنت أخيك على زوجها حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ـ نكاح رغبة لا نكاح تحليل ـ ثم يطلقها بعد الدخول، هذا مذهب الجمهور وهو الراجح، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه من أهل العلم لا تقع إلا طلقة واحدة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5584.
3ـ إذا كانت بنت أخيك تحيض فلا تعتد بالأشهر، بل عدتها ثلاث حيضات فتخرج من عدتها بالطهر من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، لقوله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ {البقرة:228}.
وتحسب الحيضات الثلاث ابتداء من حين تلفظ زوجها بعبارة: أنت طالق بالثلاثة ـ لا من وقت توثيق الطلاق، لأن سبب وجوب العدة هوالطلاق, فيعتبر ابتداؤها من وقت وجود السبب، وإن كانت بنت أخيك لا تحيض لصغر أو كبر أو لمرض، فعدتها ثلاثة أشهر، قال تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْن {الطلاق: 4}.
وتحسب هذه الأشهر ابتداء من الساعة التي وقع فيها الطلاق الأول عند الجمهور، وعند المالكية لا يحسب يوم الطلاق إذا طلقها بعد الفجر، جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ عِدَّةَ الأْشْهُرِ تَبْدَأُ مِنَ السَّاعَةِ الَّتِي فَارَقَهَا زَوْجُهَا فِيهَا، فَلَوْ فَارَقَهَا فِي أَثْنَاءِ اللَّيْل أَوِ النَّهَارِ ابْتُدِئَ حِسَابُ الشَّهْرِ مِنْ حِينَئِذٍ، وَاعْتَدَّتْ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَى مِثْلِهِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ، وَقَال تَعَالَى: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ـ فَلاَ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَحِسَابُ السَّاعَاتِ مُمْكِنٌ، إِمَّا يَقِينًا وَإِمَّا اسْتِظْهَارًا، فَلاَ وَجْهَ لِلزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يُحْسَبُ يَوْمُ الطَّلاَقِ إِنْ طَلُقَتْ بَعْدَ فَجْرِهِ، وَلاَ يَوْمُ الْوَفَاةِ. انتهى. وإن كانت الزوجة حاملا فعدتها وضع حملها كله، لقوله تعالى: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}.
4ـ توثيق الطلاق ليس بشرط في وقوعه ـ كما سبق ـ فهو نافذ ولو لم يوثق، ولكن الصواب هو توثيق الطلاق، لما فيه من حفظ الحقوق وغير ذلك.
والله أعلم.