الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الحلف كذبا خشية تضرر المحلوف له إن علم بالحقيقة

السؤال

سألتني امرأة عن أمر هل حصل فقلت لا، مع أنه حصل، لأن إخباري لها به كان سيزعجها ويترتب عليه مسائل كثيرة وتعب لنفسيتها وكره لقريب لها وفاجأتني بقولها أقسمي فقلت بسرعة والله ـ والعياذ بالله ـ فماحكم ذلك؟ أنا نادمة، فهل لي كفارة؟ وإن كانت فكم هي تحديدا؟ وهل من الممكن أن أعطي هذا المبلغ لأختي مثلا، لأنها تدرس وتحتاج المبلغ؟ أم لابد أن تدفع لفقير أو مسكين؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن إخبارك بخلاف الأمر الواقع يعتبر كذبا، والأصل أن الكذب كبيرة من كبائر الذنوب كما أن الحلف عليه كبيرة من كبائر الذنوب أيضاً، واليمين الكاذبة هي الغموس، لأنها تغمس صاحبها في النار، وهي معدودة من الكبائر كما في حديث البخاري: الكبائر الإشراك واليمين الغموس وعقوق الوالدين، ففي فتاوى نور على الدرب للشيخ محمد بن صالح العثيمين: الحلف على الكذب محرم سواء حلف الإنسان على المصحف أو بدون ذلك، لأن الحلف على الكذب يتضمن مفسدتين المفسدة الأولى الكذب والكذب محرم والمفسدة الثانية انتهاك عظمة الله عز وجل حيث حلف بالله عز وجل وبعظمته جل وعلا على أمر هو فيه كاذب ومن حلف على أمر كاذب وهو يعرف كذبه فيه فإنه عند بعض العلماء من اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ثم تغمسه في النار. انتهى.

وعلى هذا، فإذا لم تكن المرأة التي سألتك تتضرر بالإخبار بالحقيقة ضررا معتبرا محققا أو مظنونا، فعليك أن تتوبي إلى الله تعالى من تعمد الكذب والحلف عليه، دون مسوغ معتبر شرعا، وإن كانت تتضرر بذلك فكان عليك تفادي هذا الأمر بالصدق ما أمكن، فإن لم يمكن ذلك إلا بالكذب دون الحلف جاز لك الكذب إذا تعين لدفع الضرر عن المسلم وكذلك لا حرج في اليمين إذا تعينت لدفع ضرر عن تلك المسلمة فقد ذهب كثير من العلماء إلى عدم وقوع الإثم بها، وانظري الفتوى رقم: 154985.

أما عن الكفارة فالجمهور على أن اليمين الغموس لا كفارة فيها، إلا التوبة والاستغفار، وذهب الشافعي ومن وافقه إلى وجوب الكفارة فيها والأحوط الجمع بين التوبة والكفارة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7228.

وكفارة اليمين مبينة في الفتوى رقم: 2053.

وفي حال إخراج الكفارة فلا مانع من إعطائها لأختك إن كانت من مصاريفها وهم الفقراء والمساكين، وانظري الفتوى رقم: 96433.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني