السؤال
إذا كان زوجي من ذوي الأملاك ولا يعرف التصرف ولهذا نعيش بالدين وخاصة لأجل دراسة ولدي وحتى طعامنا وشرابنا ولباسنا وبعض من علاجنا وهو يدفع الفواتير والضرائب، وعندما نشتري طعامنا أذكره بأنه بالدين فإنه يختار شيئاً دون أي شعور بالمسؤولية يجعلني أدفع وعندما أحاول التفاهم معه بقولي: الإسلام لا يرضى العيش بهذه الطريقة ولا يجبرنا على اقتناء كل هذه الأملاك ـ عمارتين ونصف محل وأموال عند أخيه وأرض وأنصاف بيوت ـ يجيبني بقوله تريدين أن أبيع لتصرفي أنت وأولادك وماذا سيبقى لشيخوختي؟ كل ما أريد معرفته هل الإسلام يقبل بهذا ويطلب منا العيش مثل الفقراء ونحن أصحاب الأملاك ويجب أن نمتلك أكثر من ذلك لنعيش عيشة طبيعية خاصة أننا نعيش أقل من المستأجرين عندنا ودائماً يتهمنا بالإسراف؟ هذه هو الجزء البسيط من قصتي وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده بالمعروف، فعن عمرو بن الأحوص ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله قال: .. ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن. رواه الترمذي.
والراجح عندنا أنّ النفقة الواجبة للزوجة على زوجها هي قدر الكفاية بالمعروف اعتبارا بحال الزوجين، وانظري بيان ذلك وتفصيله في الفتوى رقم: 105673.
وعليه، فإن كان زوجك يمتنع من الإنفاق عليكم بالمعروف رغم يساره فذلك من البخل المذموم، فعليك أن تبيني له ذلك وتحذريه من عاقبة البخل وتعرفيه أنه إذا أنفق بالمعروف فإن الله يخلف عليه، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله: ما من يوم يصبح فيه العباد إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفاً. متفق عليه.
وعنه أن رسول الله قال: قال الله تعالى: أنفق يا ابن آدم أنفق عليك. متفق عليه.
وقد وعد الله من ينفق على أهله الأجر على ذلك، فعن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله قال: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في في امرأتك. متفق عليه.
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك. صحيح مسلم.
وقد رخص النبي للزوجة إذا كان زوجها بخيلاً أن تأخذ من ماله بغير علمه ما تنفق به على نفسها وأولادها بالمعروف، فعن عائشة ـ رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.
فإن أدى زوجك ما عليه من الحقوق في ماله فلا حرج عليه أن يدخر من ماله ما شاء، وانظري الفتوى رقم: 30090.
لكن ننصحه أن يوسع على نفسه وعياله لتظهر نعمة الله عليه، قال ابن عبد البر ـ رحمه الله: وَفِيهِ أَنَّ مَنْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَّعَ عَلَى نفسه في الملبس وغيره، فإن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ إِذَا أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِ، وَهَذَا ثَابِتُ الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وليحسن ظنه بربه ولا يخشى من المستقبل فإن ذلك من كمال التوكل على الله، جاء في كتاب بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الدَّقَّاقُ: التَّوَكُّلُ رَدُّ الْعَيْشِ إلَى يَوْمٍ وَاحِدٍ وَإِسْقَاطُ هَمِّ غَد.
والله أعلم.