السؤال
أنا شاب أقيم في بلد أوربية، ووقعت في الخطأ مع فتاة أوربية بعد معرفتي بها بوقت طويل، ونيتي الزواج منها لأخلاقها الطيبة ومحبتها لي وهي تنتمي إلى المسيحية ومتدينة، وكان تدينها يمنعها من إقامة علاقات في السابق، وحدث أنها حامل في الأسبوع التاسع، والمشكلة أنها لا تريد الدخول في الإسلام، وتريد أن ينتمي الطفل إلى ديانتها ومتمسكة جدا بذلك، وأنا أخشي أن أتزوجها وسوف تسمم عقل الطفل بمعتقداتها وهي غير موافقة على جعل المولود مسلما بالولادة وتعليمه الإسلام والالتزام به، بل تريد تعليمه مبادئ ديانتها وأخذه معها إلى الصلوات إلخ. ولا تريد الزواج على الطريقة الإسلامية، بل بطريقة مدنية فقط، لا توجد أسباب تمنعني من الزواج بها غير أنها تعتزم تربيته بهذه الطريقة، وأنا أخشى أن أعيش في صراع على هذا بقية عمري، فهل أتبرأ منها ولا أتزوجها للستر عليها مع العلم أنها ترفض الإجهاض؟ أأتركها ولا أنسب الطفل إلي حيث إن الطفل ولد زنا؟ أم أتزوجها وأبعد الطفل عنها بالعنوة؟ أم أحاول إجهاضها بالعنوة؟ لا أريد أن يكون ابني معتنقا دينا إلا الإسلام، ودعائي أن يهديني ربي لما فيه السعادة في الدنيا والآخرة ورضاه عني، ومغفرته من هذا الذنب الكبير، أعينوني وأفيدوني في محنتي هذه. جزاكم الله خيرا وادعو لي بالمغفرة والرحمة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإقامة المسلم في بلاد الكفار خطر على دينه وأخلاقه، كما بيناه في الفتوى رقم: 2007.
وقد ظهر شؤم هذه الإقامة في تهاونك في حدود الشرع بإقامة علاقة محرمة مع تلك المرأة الكافرة حتى وقعت معها في الزنا، وهو من أفحش الذنوب ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، فالواجب عليك أن تبادر بالتوبة النصوح بالإقلاع عن هذا المنكر والندم على فعله والعزم على عدم العود له، وأن تقطع علاقتك بتلك المرأة وغيرها من الأجنبيات وتقف عند حدود الله، واعلم أنه لا يجوز لك أن تتزوج تلك المرأة ما دامت على تلك الحال، فإن نكاح الكتابية لا يجوز إلا أن تكون عفيفة، وراجع شروط نكاح الكتابية في الفتوى رقم: 80265.
كما أن زواج الرجل بمن زنا بها وهي حامل منه، لا يجوز عند جماهير العلماء إلا بعد وضع حملها، وأن الولد لا ينسب إلى الزاني، لكن ذهب بعض العلماء إلى جواز عقد الزاني على الحامل من زناه وأن الولد ينسب إليه ما دامت المرأة ليست فراشا لغيره ولم ينازعه أحد في نسب الولد، قال ابن قدامة: وولد الزنا لا يلحق الزاني في قول الجمهور، وقال الحسن وابن سيرين يلحق الواطئ إذا أقيم عليه الحد ويرثه، وقال إبراهيم يلحقه إذا جلد الحد أو ملك الموطوءة، وقال إسحاق يلحقه، وذكر عن عروة وسليمان بن يسار نحوه، وروى علي بن عاصم عن أبي حنيفة أنه قال: لا أرى بأسا إذا زنا الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها مع حملها ويستر عليها والولد ولد له.
وعلى القول بأن الولد ينسب لك فإنه يتبعك في الدين ولا يتبع أمه، جاء في الموسوعة الفقهية: إذا اختلف دين الوالدين بأن كان أحدهما مسلما والآخر كافرا فإن ولدهما الصغير أو الكبير الذي بلغ مجنونا، يكون مسلما تبعا لخيرهما دينا، هذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة.
وأما بخصوص الإجهاض: فاعلم أنه جريمة ومنكر عظيم، فاحذر أن تطلب من المرأة إسقاط جنينها أو أن تعينها على ذلك فإنّ إسقاط الجنين غير جائز إلا لضرورة كما لو كان في بقائه خطر على حياة الأم، وراجع الفتوى رقم: 35536.
والذي ننصحك به أن تجتهد في دعوة هذه المرأة إلى الإسلام عن طريق بعض النساء الصالحات أو المراكز الإسلامية، فإن أسلمت واستقامت تزوجت بها، وإلا فلتتركها ولتتزوج مسلمة عفيفة، واجتهد في تحقيق التوبة والإكثار من الأعمال الصالحة والحسنات المكفرة.
والله أعلم.