السؤال
هل مشاهدة المسلسلات التركية تكفر من يشاهدها إذا كان الكاتب علمانيا و يدعو فيها للعلمانية، حيث قرأت أن العلمانية كفر و العلماني كافر ، علما أن من يشاهدها لا يرضى طبعا بالعلمانية ولا يؤيدها. هل بالمشاهدة يكون شريك من يكتبها؟ و هل حكمها مثل من يجلس في مجلس يسخر من الدين كما في الآية؟ وإذا كان كذلك و شاهدت حلقة مثلا ثم تابعت باقي الحلقات مثل من يحضر المجلس ثم يعاود حضوره مرات و هو يعلم ما يدور فيه ولا يرضى هل هذا مثل ذلك؟ عندما سألت شيخا فهمت أنه أراد أن يقول إن ذلك من المتشابهات. فهل مشاهدتها كفر أم لا؟ وإذا شاهدتها وهي من المتشابهات بعد ما قال هذا هل أكفر؟ وفي حالة إذا أكد بعد ذلك أنها كفر وليست من المتشابهات يكون كفرا مني لأني كنت أعلم أنها من المتشابهات أم أنه لا يكون حراما إلا إذا تأكد الأمر؟ أرجو التوضيح.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم شيئا عن حقيقة هذه المسلسلات المذكورة، ولو افترض أن بها شيئا من المحظور فإن مجرد الرؤية لهذه المسلسلات لا يعد إقرارا لصاحبها حتى ولو أثِم المشاهد ، فإنه لا يكون له حكم فاعل المنكر من كل وجه، إلا إذا قامت قرائن تدل على الرضا.
وقد سبق أن بينا أنه لا يخرج العبد من الملة بمجرد حضور مجلس من يسخر من الدين كما في المجالس المذكورة في قوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ. { النساء: 140 }.
فإن هذا إنما يكون مع الرضا بقولهم وإقرارهم عليه، فالمثلية المذكورة في الآية لها درجات متفاوتة. وراجع تفصيل ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 131228، 130930 43048.
ولا يخفى أن حال السائلة ليس كذلك، فهي تقول: علما أن من يشاهدها لا يرضى طبعا بالعلمانية ولا يؤيدها .
ولذلك نقول لها: هوني عليك، واعلمي أن الكفر لا يحصل بالاشتباه؛ بل لا بد من تيقن حصوله، وما دام الاحتمال موجودا فالأصل بقاء الإيمان، فقد قال علي القاري في شرح الشفا: قال علماؤنا: إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه فينبغي للمفتي والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة ـ رواه الترمذي والحاكم. اهـ.
ومهما يكن، فإن باب التوبة مفتوح لجميع العباد قبل بلوغ الروح الحلقوم، فليبادر الناظر بالتوبة فقد قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
وفي حديث الترمذي: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.
والله أعلم.