السؤال
أنا من فلسطين كنت أملك سيارة جديدة وكانت مؤمنة تأمينا شاملا عمل فيها أخي حادثا ولم يكن مسجلا في التأمين، لأنه سائق جديد حيث نسيت أن أسجله ليس قصدا بل سهوا ولخوفي أن لا يدفع لي التأمين التعويضات قلت إن ابن عمي هو الذي كان يقودها حيث إن التأمين يشمله ولكن الشرطة والجيش اللذين كانا في موقع الحادث اكتشفوا الموضوع وسمعت الشركة بأن الذي كان يقود السيارة هو أخي ولكن لم يكن عندهم دليل لعدم إمكانية التنسيق مع الشرطة الإسرائيلية وشركة التأمين الفلسطينية وبعد المشاورات طلبت مني شركة التأمين أن أحضر لأحلف يمينا عند المحكمة فسألت بعض المشايخ وأحدهم قد حصل على الماجستير في الشريعة الإسلامية وقال لي بأن يحلف ابن عمي بقصد التورية فكتبنا صيغة مشفوعة بالقسم بنية أن ابن عمي كان يقود السيارة وهو فعلا كان يقودها وأنها عملت حادثا أي السيارة ولكن بحيث يفهم أنه هو الذي عمل الحادث ووضعت ورقة أخرى في جيبه كتبت عليها أنه ابن عمي وقلت له أن يقصدها في حلفه فدخلنا إلى المحكمة فإذا بالقاضي نصراني فنظر إلى الورقة وقال له قل أقسم بالله أن المكتوب في الورقة صحيح فقال أقسم بالله أن المكتوب في الورقة صحيح وكان يقصد الورقة التي في جيبه المكتوب فيها أنه ابن عمي وانتهت القصة وحصلنا على التعويض، وهناك بند في التأمين يطلب تسجيل السائق الجديد في التأمين من أجل أن يشمله ونسيت أن أسجله حيث إنه كان حصل على رخصة السياقة حديثا، فما هي مشروعية ما حدث؟ وماذا علي أن أفعل؟ وهل التأمين الشامل جائز؟ وما هي مشروعية القاضي النصراني؟ وهل التورية جائزة في هذا الحال؟ وما حال هذا اليمين، أرجا إفادتي وإراحتي أراحكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلمتوه حيلة محرمة وكذب لأكل مال الشركة بالباطل، كما بينا في الفتوى رقم: 121842.
كما بينا حكم التأمين بجميع أنواع في الفتوى رقم: 7394.
والتورية في اليمين لا تنفعكم، لأن من استحلف لرد دعوى وجهت إليه، أو لإثبات حق يدعيه على غيره، فإن نيته في حلفه تكون لصاحب الحق الذي استحلفه، لقوله صلى الله عليه وسلم: يمينك على ما يصدقك به صاحبك.
وفي رواية: اليمين على نية المستحلف. أخرجهما مسلم.
وما دامت النية للمستحلف، فلا يجوز للحالف أن يوري في يمينه، ولا أن ينوي فيها غير ما يريده ويقصده صاحب الحق، لأن النية في اليمين له، وهذه اليمين الكاذبة تسمى بالغموس ولا كفارة فيها عند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة سوى التوبة، وردّ الحقوق والمظالم لأهلها، وذهب الحنابلة في رواية كما في مجموع الفتاوى لابن تيمية والشافعية كما في الحاوي الكبير للماوردي، وأسنى المطالب، وتحفة المحتاج: إلى وجوب الكفارة فيها، والراجح ما ذهب إليه جمهور العلماء فهي أعظم من أن تكفر، وإنما تمحى بالتوبة الصحيحة، كما بينا في الفتوى رقم: 110773.
وأما التحاكم إلى الحكم الوضعي وعند قاض غير مسلم فقد بيناه في الفتوى رقم: 153425، وفيها أن من كان له حق ولا يجد سبيلا للوصول إليه إلا من خلال الذهاب لتلك المحاكم لعدم وجود محاكم شرعية فقد يعذر بذلك.
وأما من ليس له حق يخشى ضياعه، بل يريد أخذ حقوق الناس وأموالهم فإتيانه لتلك المحاكم ظلمات بعضها فوق بعض.
وبناء على ما سبق، فالواجب هو عليكم رد ما أخذتموه بهذه الحيلة إلى شركة التأمين بعد خصم مبلغ التأمين الذي دفعتموه كقسط للتأمين، فإن عجزتم عن رده إليها فيمكنكم الصدقة به عملا بالممكن المستطاع، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.