الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المحبة الخاصة والمحبة المشتركة

السؤال

ينتابني أحياناً خوف من أمور غيبية مثل فقد عزيز أو فشل في أمر ما ونحو ذلك، فهل يدخل هذا في الخوف المحرم؟ وهل الخوف من فقد حبيب أو عزيز يدخل في شرك المحبة؟ وهل توجد أدعية معينة تقال في مثل هذا الحال؟ نسأل الله العافية والسلامة، بارك الله لكم في علمكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الخوف ليس من الخوف المحرم، لأن الخوف المحرم هو الذي يحمل على فعل الحرام أو أن يخاف الإنسان من غيره أن يصيبه بما يشاء من مرض أو فقر أو أي مصيبة بقدرته ومشيئته، فإن هذا النوع لا يصرف لغير الله تعالى، وعلاج هذا الخوف هو الاعتماد على الله، والثقة به، والتوكل عليه، والجزم الكامل بأن الأمور كلها بيد الله، وأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا يدخل أيضا في شرك المحبة، لأن المراد بشرك المحبة محبة العبودية المستلزمة للإجلال والتعظيم والذل والخضوع التي لا تنبغي إلا لله وحده لا شريك له، ومتى صرف العبد هذه المحبة لغير الله فقد أشرك به الشرك الأكبر، وهذه المحبة تدخل في محبة الشفقة أو محبة الأنس والألفة وهي مباحة، وقد فصل أنواع المحبة ابن القيم في طريق الهجرتين فقال: والمحبة المشتركة ثلاثة أنواع أحدها محبة طبيعية مشتركة كمحبة الجائع للطعام والظمآن للماء وغير ذلك وهذه لا تستلزم التعظيم، والنوع الثاني محبة رحمة وإشفاق كمحبة الوالد لولده الطفل ونحوها وهذه أيضا لا تستلزم التعظيم، والنوع الثالث محبة أنس وإلف وهي محبة المشتركين في صناعة أو علم أو مرافقة أو تجارة أو سفر بعضهم بعضا وكمحبة الإخوة بعضهم بعضا فهذه الأنواع الثلاثة هي المحبة التي تصلح للخلق بعضهم من بعض ووجودها فيهم لا يكون شركا في محبة الله سبحانه، ولهذا كان رسول الله يحب الحلواء والعسل، وكان أحب الشراب إليه الحلو البارد، وكان أحب اللحم إليه الذراع، وكان يحب نساءه وكانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ أحبهن إليه، وكان يحب أصحابه وأحبهم إليه الصديق، وأما المحبة الخاصة التي لا تصلح إلا لله وحده ومتى أحب العبد بها غيره كان شركا لا يغفره الله فهي محبة العبودية المستلزمة للذل والخضوع والتعظيم وكمال الطاعة وإيثاره على غيره فهذه المحبة لا يجوز تعلقها بغير الله أصلا وهي التي سوى المشركون بين آلهتهم وبين الله فيها؛ كما قال تعالى: ومن الناس من يتحذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حبا لله، وأصح القولين أن المعنى يحبونهم كما يحبون الله وسووا بين الله وبين أندادهم في الحب ثم نفى ذلك عن المؤمنين فقال: والذين ءامنوا أشد حبا لله.. اهـ.

وأما عن الدعاء فننصحك بالمواظبة على الأذكار والتعوذات الثابتة في تحصين النفس والأهل، ففي الحديث عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، يقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، ثم يقول: هكذا كان يعوذ إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

وفي الحديث عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي. الحديث رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وصححه الألباني والأرناؤوط.

وفي الحديث: من قال حين يصبح وحين يمسي: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات، كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة. رواه ابن السني وصححه الأرناؤوط.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني