السؤال
حصلت بيني وبين زوجة أخي مشادة كلامية وكانت زوجتي حاضرة وكنت مزعجا جدا وحلفت على زوجتي بالطلاق أنها لا تجلس معها
في نفس المكان، لأننا بمنزل واحد ولا أتذكر هل حلفت بطلاق واحد أم بالثلاث والمقصد من الطلاق أن لا تجلس معها، فهل يجوز لي التكفير عن الطلاق؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن الطلاق المحلوف به يقع بحصول الحنث فيه، وبالتالي فإن لم تجلس زوجتك مع زوجة أخيك في نفس المكان المقصود فلا يلزمك شيء، وإن جلست معها على الوجه الذي قصدته فقد حصل الحنث ووقع الطلاق وفي خصوص ما ذكرته من الشك في عدد ما حلفت به من الطلاق فالحكم فيه أن أكثر أهل العلم على أن الشك في عدد الطلاق إنما يلزم به أقل المشكوك فيه، وذهب البعض إلى إلزام أكثره والراجح عندنا الأول، جاء في المغني لابن قدامة: وجملة ذلك أنه إذا طلق وشك في عدد الطلاق فإنه يبني على اليقين، نص عليه أحمد في رواية ابن منصور في رجل لفظ بطلاق امرأته لا يدري واحدة أم ثلاثا؟ قال: أما الواحدة فقد وجبت عليه وهي عنده حتى يستيقن، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، لأن ما زاد على القدر الذي تيقنه طلاق مشكوك فيه فلم يلزمه، كما لو شك في أصل الطلاق، وإذا ثبت هذا فإنه تبقى أحكام المطلق دون الثلاث من إباحة الرجعة، وإذا راجع وجبت النفقة وحقوق الزوجية، قال الخرقي: ويحرم وطؤها ونحوه قول مالك إلا أنه حكي عنه أنه يلزمه الأكثر من الطلاق المشكوك فيه وقولهما: تيقن في التحريم، لأنه تيقن وجوده بالطلاق وشك في رفعه بالرجعة فلا يرتفع بالشك. انتهى.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: إذا كان الأمر كما ذكر السائل من أنه قال لزوجته: أنت طالق، ثم إنه لا يدري هل قال هذا اللفظ مرة أو أكثر؟ فإذا لم يوجد من تقوم بشهادته البينة على عدد الطلاق فيعتبر هذا الطلاق واحدة، لأنه هو المتحقق باعتراف المطلق، وما عداه فمشكوك فيه، لا يعارض بالأصل، وهو عدمه. انتهى.
وعلى القول بلزوم أقل المشكوك فيه ـ الذي ذكرنا رجحانه ـ فلك مراجعة زوجتك قبل تمام عدتها إن لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث، وما تحصل به الرجعة سبق بيانه في الفتوى رقم: 30719.
ومذهب شيخ الإسلام ابن تيمية أنك إنما تلزمك كفارة يمين إن كنت قد قصدت منع زوجتك من الجلوس مع زوجة أخيك ولم تقصد طلاقا، لكن الراجح مذهب الجمهور، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 19162.
والله أعلم .